التعريف بأبي ذر الغفاري

أبو ذرّ الغفّاري -رضي الله عنه- هو جندب بن جنادة، وقد تعدّدت الآراء في اسمه فقيل أيضاً: هو جندب بن السكن ولقبه برير، وقيل: برير بن جنادة،[١] أو جندب بن عبد الله، أو جندب بن السكن، ولكنّ الأوّل -جندب بن جنادة- هو الأشهر، وأمّه هي رملة بنت الوقيعة الغفّارية -رضي الله عنها-، وقد أسلمت وحسُن إسلامها.[٢]


وقد كان -رضي الله عنه- طويلاً ونحيفاً، وكان أبيض الرأس واللحية، وأسمر اللون، ووُلِد في قبيلة غفار، وهي بين مكة والمدينة، وكان مشهوراً عن أفراد هذه القبيلة السطو، وقطع الطريق على التجّار والمسافرين، وسرقة أموالهم، أمّا أبو ذرّ فقد كان رجلاً شجاعاً يقطع الطريق وحده ويُصيب فيه،[٢] وقد تُوفّي أبو ذر -رضي الله عنه- في الربذة سنة اثنين وثلاثين للهجرة.[٣]


قصة إسلام أبي ذر الغفاري

لاقى أبو ذرّ في طريق بحثه عن الحق ودخوله في الإسلام الكثير من الأذى من قومه، ففي يومٍ من الأيام سافر -رضي الله عنه- قاطعاً المسافات بحثاً عن الحقّ، إذ سمع عن النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، فدخل إلى مكة متنكِّراً، لأنّ أهل مكة لو علموا أنّه جاء يبحث عن النبيّ محمّد لآذوه، ولم يكن يلتفت لذلك بل كان يطمح لمقابلة الرسول والسّماع منه.[٤]


وبالفعل صار يبحث في مكّة عن النبيّ من بعيد، ويُحاول الوصول إليه بالتخفّي، وكلّما سمع أشخاصاً يتحدّثون عنه اقترب منهم بحذر، حتى استطاع في النهاية إيجاد ما يدلّه على مكان النبيّ الكريم، فذهب إليه ودخل عليه، وطلب أن يقرأ عليه القرآن، وما أنْ تلا عليه النبي الكريم شيئاً من القرآن حتى اطمأنّ وأسلم.[٤]


ثمّ قال النبي لأبي ذر: (ارْجِعْ إلى قَوْمِكَ فأخْبِرْهُمْ حتَّى يَأْتِيَكَ أمْرِي، قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بهَا بيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حتَّى أتَى المَسْجِدَ، فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حتَّى أضْجَعُوهُ…).[٥]


من صفات أبي ذر رضي الله عنه

كان أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- صاحب علمٍ وفضلٍ وزُهد، وكان شجاعاً مِقداماً في الحقّ ولا تأخذه في الله لومة لائمٍ، فكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وقال فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (ما أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ من أبي ذَرٍّ)،[٦][٧] وكان أبو ذر -رضي الله عنه- من كِبار الصحابة، وهو من أوائل مَن أسلم وجهر بالقرآن الكريم في مكة، وكان يحبّ الفقراء، ويحثّ الأغنياء على مساعدتهم دائماً.[٨]


من مواقف أبي ذر رضي الله عنه

كان لأبي ذر مواقف عديدة ومُشرِّفة في الإسلام، فقد أعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- راية لواء بني غفار في غزوة حُنين، وشهد مع النبيّ الكريم العديد من المشاهد، وفي غزوة تبوك خرج على بعيره مع النبيّ وأصحابه، لكنّ البعير أبطأ وتعب، فنزل وأعلفه أياماً ثمّ خرج لاحقاً بالمسلمين.[٩]


وفي منتصف طريقه توقّف بعيره ولم يتحرّك، فأخذ متاعه ونزل عنه وأكمل طريقه سيراً على الأقدام بالحرّ الشديد، وقد اشتدّ به العطش وهو يمشي، فلمّا اقترب للمسلمين من بعيدٍ رآه أحد الصحابة، فأخبر النبيّ الكريم بقدوم أحدٍ إليهم، فلمّا تبيّن أنّه أبو ذرّ قال النبي: (يَرحَمُ اللهُ أبا ذَرٍّ يَمْشي وَحدَه، ويَموتُ وَحدَه، ويُبعَثُ وَحدَه).[١٠][٩]

المراجع

  1. ابن قتيبة، المعارف، صفحة 252، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أبو ذر الغفاري"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2023. بتصرّف.
  3. ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 316، جزء 28. بتصرّف.
  4. ^ أ ب خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 44. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3861، صحيح.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:3801، حسن.
  7. شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام، صفحة 406، جزء 3. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 791، جزء 10. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 286، جزء 28. بتصرّف.
  10. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:4427، صحيح الإسناد.