أنس بن مالك -رضي الله عنه-

الحديث في رحاب سيرة أنس بن مالك -رضي الله عنه- حديث شيّق؛ فهو من الصّحابة الكرام الذين نالت سيرتهم في كتب السّيرة حظّاً وافراً، وهذا المقال يلقي الضوء على جانب من سيرته المباركة وبعض مواقفه.

نسبه ونشأته

  • اسمه: أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام ابن جندب بن عامر بن غنم بن مالك بن النجار، أبو حمزة الأنصاري، وأم أنس بن مالك هي: أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام.[١]
  • خدمته للنبي الكريم: بعد أنْ الهجرة النبوية جاءت أم أنس به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: (يا رَسولَ اللهِ، هذا أُنَيْسٌ ابْنِي، أَتَيْتُكَ به يَخْدُمُكَ)[٢] ومنذ ذلك الوقت وحتى انتقال النبي الكريم إلى الرّفيق الأعلى كان أنس رفيقه المقرّب وخادمه الأمين.[٣]


روايته للحديث النبوي

أنس بن مالك -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة الكرام رواية للحديث النبوي الشّريف؛ حيث لازَم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عشر سنوات، وكان فيها خادمًا له ورفيقاً، وأتاحت له هذه الأعوام المباركة معايشة النبي الكريم في كثير من مواقفه، فكان الرّاوي الأمين الذي كان له أطيب الأثر في حمل كثير من كنوز السّنة إلى الأمة، وروى عنه عددٌ كبيرٌ من عظماء التَّابعين.[٤]


وذكر بعض المحقّقين أنّ أنس بن مالك يصنّف في المرتبة الثالثة بعد ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- في كثرة الأحاديث التي رواها وحفظها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، [٤]وبلغ عدد الأحاديث في مسند أنس ألفان ومائتان وستة وثمانون حديثًا، وقد اتفق البخاري ومسلم منها على مائة وثمانية وستين حديثاً، بينما انفرد البخاري بثلاثة وثمانين حديثاً، وانفرد مسلم بواحد وسبعين حديثاً غيرها.[٥]


جهاده ومشاركته في الفتوحات

نال أنس بن مالك -رضي الله عنه- شرف الجهاد مع النّبي -صلى الله عليه وسلم- في وقائع كثيرة، وفي بدر خرج في خدمة النبي الكريم، ولم يُشارك في القتال -ربّما لصغر سنّه-، لكنّه شارك في ثماني غزوات منها: خيبر والطائف وحنين، وشهد صلح الحديبية وفتح مكة، وفي خلافة أبي بكر الصّديق شارك في حروب الرّدة وحضر معركة اليمامة؛ ثمّ أرسله أبو بكر إلى البحرين لجباية أموال الزّكاة من أهلها، أما في خلافة عمر بن الخطّاب فشارك في فتوح العراق وبلاد فارس، كما شهد معركة القادسية، وفتح تستر، وتذكر كتب التّاريخ أنّ أنس قد على عمر بن الخطاب بالمدينة بحاكم تستر الهرمزان أسيرًا.[٣]


وفاته رضي الله عنه

اتفق المؤرخون من أهل العلم على أنّ أنس -رضي الله عنه- قد تجاوز عمره مائة سنة حين وفاته في ناحية من نواحي البصرة، والذي عليه الجمهور أنه -رضي الله عنه- توفي سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، علماً أنّه قيل في سنة وفاته: سنة تسعين، وإحدى وتسعين، واثنتين وتسعين، وخمس وتسعين، وسبع وتسعين.[٦]


جانب من مواقفه مع النبي الكريم

كان لأنس -رضي الله عنه- مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مواقف كثيرة بحُكم قربه منه ومعايشته لكثير من أحواله في إقامته وسفره، ولعلّ العامل المشترك بين أغلب هذه المواقف يكمن في حِلم النبي الكريم وحُسن معشره وحرصه على جبر خاطر أصحابه الكرام، ومن هذه المواقف ما يأتي:

  • يقول أنس -رضي الله عنه-: (خَدَمْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ ما قالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قالَ لي لِشيءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟).[٧]
  • يقول أنس -رضي الله عنه-: (كانَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكانَ لي أخٌ يُقَالُ له: أبو عُمَيْرٍ -قالَ: أحْسِبُهُ- فَطِيمًا، وكانَ إذَا جَاءَ قالَ: يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلَاةَ وهو في بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بالبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ ونَقُومُ خَلْفَهُ، فيُصَلِّي بنَا).[٨]

المراجع

  1. عُبَيْد الله ابن الفرّاء، تجريد الأسماء والكنى المذكورة في كتاب المتفق والمفترق، صفحة 27، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2481، صحيح.
  3. ^ أ ب المحرر، "أنس بن مالك .. خادم رسول الله وصاحبه"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 7/1/2023. بتصرّف.
  4. ^ أ ب إشراف: راغب السرجاني (1/3/2006)، "أنس بن مالك"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 7/1/2023. بتصرّف.
  5. الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، تهذيب الأسماء واللغات، صفحة 127، جزء 1. بتصرّف.
  6. ابو زكريا محيي الدين النووي، تهذيب الأسماء واللغات، صفحة 127-128. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2309 ، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6203، صحيح.