التعريف بزيد بن حارثة

هو زيد بن حارثة بن شَراحيل بن كعب، ويُكنّى بأبي أسامة، ويُقال له حِبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان -رضي الله عنه- من أوائل مَن أسلم، وقيل إنّه أول مَن أسلم من الذّكور، وقد آخى النبي الكريم بينه وبين عمّه حمزة بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وشهد مع النبي بدراً وأُحداً والخندق والحديبية وخيبر، واستُشهد زيد في غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة، وكان عمره خمساً وخمسين عاماً تقريباً.[١]


اختيار زيد بن حارثة للعيش عند النبي

خرجت والدة زيد ذات يوم لزيارة أهلها، فأغار على قبيلتهم قومٌ وأخذوا منها زيداً، ثمّ باعوه في السّوق، وقد اشتراه حكيم بن حزام وأهداه إلى خديجة -رضي الله عنها-، ولمّا تزوّجها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعجبه ذلك الغلام وأدبه وخلقه وفطنته، فأهدته خديجة -رضي الله عنها- إياه، فأعتقه النبيّ الكريم مباشرة، وكان يُحبّه حباً كبيراً.[٢]


وكان أهل زيد يبحثون عنه ليل نهار، فلمّا علموا أنّه في بيت النبي الكريم قدموا إليه مسرعين، وجاءوا إلى النبيّ الكريم طالبين منه زيداً، وقال أبوه وعمّه للنبي: "يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه، لقد جئناك في ولدٍ لنا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه"، فدعا النبيّ زيداً وطلب منهما أن يُخيّراه، فإن اختار أهله فليأخذوه دون فدية، وإن اختار النبيّ الكريم فهو أوْلى به.[٢]


ولمّا رآهما زيدٌ عرفهما، فأخبره النبي أن يذهب معهما إن شاء ذلك، فما كان من زيد -رضي الله عنه- إلا أن اختار النبيّ الكريم قائلاً: "والله ما أنا بالذي يختار عليك أحداً"، ومدح أمامهما بالنبيّ الكريم وحسن تعامله، فطابت نفس والد زيد وعمّه ورجعا، وفرح النبي الكريم فرحاً شديداً، ومن يومها صار يُطلق على زيد: زيد بن محمّد.[٢]


زواج زيد بن حارثة من زينب

بعد أن كبر زيد أخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- ليخطب ابنة عمّته زينب بنت جحش -رضي الله عنها-، وبالفعل تزوّجها، ولكنّها كانت قرشيّة وذات حسبٍ ونسب، أما زيد فكان مولى، فصارت تنشأ بينه وبين زوجته الخلافات والنّزاعات، وقد أوحى الله -تعالى- للنبيّ الكريم أنّه سيتزوّج زينب بعد أن يُطلّقها زيد، ولكنّ النبيّ كتم ذلك وتحرّج من إعلانه.[٣]


ولمّا جاء زيد -رضي الله عنه- يشكو للنبيّ الكريم أمر زوجته وما ينشأ بينهما من الخلافات وعدم التوافق أمره النبيّ أن يصبر عليها ويُمسكها، فأنزل الله -تبارك وتعالى- آياتٍ تُتلى يأمر بها النبيّ ألا يُخفي أمر الله وحكمته بطلاق زينب وتزويجها من النبيّ، إذْ كان ذلك الأمر لإبطال عادة التبنّي في الشريعة الإسلامية كوْن زيد يُنادى بابن محمد.[٣]


قال -تعالى-: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا).[٤]


من مناقب زيد بن حارثة

تميّز الصحابي الكريم زيد -رضي الله عنه- بالعديد من الفضائل والمناقب، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٥]

  • كان يُلقّب هو وابنه أسامة -رضي الله عنهما- بحبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد نال زيد شرف خدمة النبيّ الكريم ونشأته بين يديه.


  • لم يُصرّح بذكر اسم أحدٍ من الصحابة في القرآن الكريم غير زيد -رضي الله عنه-، فقد ذكر الله اسمه في قصة زواجه وطلاقه من زينب بنت جحش -رضي الله عنها-.


  • كان زيد -رضي الله عنه- من أحب الناس إلى النبي الكريم، ومن بعده ابنه أسامة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (... وايْمُ اللَّهِ، إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ).[٦]


  • كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يؤمّره على الجيوش، وقد أمّره على جيش مؤتة، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما بعث رسول الله سرية هو فيها إلا أمَّره عليها، ولو بقي لاستخلفه"، وقال سلمة بن الأكوع: "غزوت مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم سبع غزوات، ومع زيد بن حارثة سبع غزوات، يؤمّره علينا رسول اللَه صلى اللَّه عليه وآله وسلم".

المراجع

  1. ابن الأثير، جامع الأصول، صفحة 408، جزء 12. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 7، جزء 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب صالح المغامسي، لطائف المعارف، صفحة 3، جزء 14. بتصرّف.
  4. سورة الأحزاب، آية:37
  5. الحجوي، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، صفحة 264، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3730، صحيح.