عائشة أم المؤمنين

هي الصدِّيقة بنت الصدِّيق، الطاهرة المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات، أمُّ المؤمنين زوجُ النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة بنت أبي بكر الصدِّيق خليفةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في الغار، وهي أحبُّ أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قلبه، بل هي أحبُّ الناس إليه، كنَّاها بأم عبد الله، تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة الثانية للهجرة، بعد وفاة زوجته الأولى خديجة، وكان عمرها تسع سنوات، وهي أعلمُ نساء المسلمين، كان الصحابة يستفتونها ويسألونها عن الكثير من المسائل، وكانت لها اجتهاداتها الخاصة واستدراكاتها عليهم، وقد حفظت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير، كما روت عنه الكثير، فقد نُقل عنها أكثر من ألفي حديث، وقد تعرّضت لاتهام خطير في عِرضها، في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث حاك المنافقون قصة الإفك، لكنَّ الله -تعالى- برَّأها، وأنزل من عنده قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة يبرّأها فيه، ويفضحُ المفترين ويتوعدهم بالعقوبة والعذاب العظيم.[١]


قصة الإفك

كانت هذه الحادثة أصعبَ وأشدَّ ما مرَّ على عائشة -رضي الله عنها- وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياتهما، ومُلَخَّصُ القصة هو أنَّ عائشة كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة المريسيع، فلمَّا انتهت الغزوة وسار الجيش راجعاً إلى المدينة، كانت عائشة تبحث عن عقدها الضائع بعد قضاء حاجتها بعيداً عن هودجها، فمشى الهودج دون أن ينتبه أحد إلى أنَّها ليست فيه، فلمّا عادت لم تجد أحداً، فجلست خائفة حزينة لا تدري ما حصل وما تفعل، حتى جاء صفوان بن المعطل الذي كان يُرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- دائماً كي يتفقد مكان المسلمين بعد مسيرهم، فرآها صفوان فعرفها، فنزل عن جمله، وجعلها تركب، وسار ماشياً يقود الجمل، حتى وصلوا إلى المدينة، فلما رآهم المنافقون وجدوا فرصةً مناسبةً لإشباع حقدهم، فأخذوا يطعنون في عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتهمون عائشة بالإثم، ويُشيعون ذلك بين المؤمنين كذباً وبهتاناً، وقد خاض بعض المؤمنين في حديث الإفك وتكلموا بكلام أهل النفاق، حتى أنزل الله -تعالى- براءة عائشة في القرآن الكريم، وأخرس ألسنة المنافقين.[٢]


تبرئة عائشة بالقرآن

نزل القرآن الكريم ببراءة السيدة عائشة -رضي الله عنها- من حادثة الإفك التي افتراها المنافقون بقيادة عبد الله بن أبي بن سلول كذباً وبهتاناً ومحاربةً لله ورسوله، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ* لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}،[٣] وقد أجمعت الأمة الإسلامية على أنَّ هذه الآيات نزلت في عائشة -رضي الله عنها-.[٤]


المراجع

  1. الزركلي، الأعلام، صفحة 240. بتصرّف.
  2. خالد الحمودي، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، صفحة 11. بتصرّف.
  3. سورة النور، آية:11-20
  4. رقم الفتوى: 207232 (13/5/2013)، "حكم من طعن في أم المؤمنين عائشة وادعى أن آيات سورة النور نزلت في مارية القبطية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2021. بتصرّف.