مواقف ثبّت النبي فيها أصحابه

تعرّض الصحابة -رضوان الله عليهم- للعديد من المِحن والشدائد مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنّ النبي الكريم كان يثبّتهم دائماً في كل المواقف؛ كالقتال، والثبات على دينهم، وعند تعذيب المشركين لهم، وهذا كلّه بفضل تثبيت الله لهم أيضاً، وفي الحقيقة فإنّ المواقف التي ثبّت النبيّ فيها أصحابه لا يمكن عدّها، ونذكر أبرز المواقف التي يظهر فيها تثبيت النبيّ الكريم لأصحابه فيما يأتي:


تثبيت النبي لأبي بكر في الغار

لمّا جهر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة وقف المشركون ضدّه، وآذوه في أقوالهم وأفعالهم، فأذن الله -تعالى- لنبيّه الكريم بالهجرة، ورافقه في هجرته هذه صاحبه أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وعندما علم المشركون بذلك أرسلوا وراءهم مَن يبحث عنهم، وأغرَوْهم بالغنائم الكثير إذا أتوا بهما.[١]


وكان النبيّ الكريم وصاحبه مختبِئين في غار، واقترب منهما المشركون أثناء البحث عنهما، فخاف أبي بكر أن يبصروهم، ولكن النبيّ الكريم ظلّ يثبّته ويذكّره بمعيّة الله -تعالى-، إذ يقول أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: (... يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا).[٢][١]


تثبيته لأصحابه عند كثرة الأعداء

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يحرص على تثبيت أصحابه عند مواجهة الأعداء، ويرفع من معنوياتهم، وفي أحد المواقف أرى الله -سبحانه- نبيّه الكريم رؤيا بالأعداء، وكان عددهم قليلاً جدا، وعندما استيقظ النبي سارع بإخبار أصحابه بالرؤيا، فكان ذلك تثبيتاً لهم من الله -تعالى- ونبيّه الكريم على أعدائهم، قال -تعالى-: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).[٣][٤]


تثبيته لأصحابه في غزوة حنين

في غزوة حنين اشتدّ القتال على المسلمين، وبدأ بعضهم يتراجع ويفرّ من المعركة، أمّا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فكان يدعو الله كثيراً ويتضرّع إليه ويطلب منه النصر، وكان يُشجّع أصحابه ويثبّتهم وسط القتال، وأخذ يرتّب صفوفهم ويرفع همّتهم حتى قاتلوا الأعداء وهزموهم، (عَنْ أبِي إسْحاقَ قيلَ لِلْبَراءِ: وأنا أسْمَعُ أوَلَّيْتُمْ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ حُنَيْنٍ؟ فقالَ: أمَّا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا كانُوا رُماةً، فقالَ: أنا النبيُّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ).[٥][٦]


مواقف من ثبات الصحابة

ضرب الصحابة -رضوان الله عليهم- أروع الأمثلة في الصبر والثبات على الحق، ونذكر أبرز هذه الأمثلة فيما يأتي:

كان بلال -رضي الله عنه- من أوائل مَن أسلم بدعوة النبيّ الكريم، ولاقى في سبيل ذلك تعذيباً كثيراً من سيّده أمية بن خلف، فكان يُخرجه في الظهيرة عند اشتداد الحرارة ويلقيه على الرمال الحارة، ويأمر بوضع صخرةٍ كبيرة على بطنه، وما كان من بلال -رضي الله عنه- رغم كلّ ما لاقاه من التعذيب إلا أن يبقى ثابتاً على الحق ويقول: "أحدٌ أحدٌ".[٧]


  • صبر آل ياسر

لاقى آل ياسر تعذيباً شديداً بسبب ثباتهم على دينهم، وما كان ذلك ليثنيهم عن الإيمان بالله -تعالى- الواحد الأحد، وتمسّكوا بالإسلام،[٨] ومات ياسر من شدّة التعذيب، وقُتِلت سمية في سبيل تمسّكها بدين الحقّ، فكانت أول شهيدةٍ في الإسلام.[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، صفحة 563، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:4663، صحيح.
  3. سورة الأنفال، آية:43
  4. محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 20، جزء 70. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4316، صحيح.
  6. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 1/3/2023. بتصرّف.
  7. عبد العزيز بن حمد آل معمر، منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب، صفحة 570، جزء 2. بتصرّف.
  8. عبد الله حماد الرسي، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي، صفحة 7، جزء 71. بتصرّف.
  9. الشيخ علي القرني، دروس للشيخ علي القرني، صفحة 14، جزء 43. بتصرّف.