العلاقة بين حفصة وعائشة

كانت العلاقة بين السيدة حفصة والسيدة عائشة -رضي الله عنهما- علاقةً قويةً، قائمةً على المحبة وأخوة الإيمان والتحالف والتعاون والتفاهم، فقد كانت هناك غيرة بين زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- من بعضهنَّ البعض، كما هي طبيعة النساء، فكنَّ ينقسمنَّ إلى فريقين، فريق فيه عائشة وحفصة وسودة وصفية، وفريق آخر فيه أم سلمة وبقية نساء النبي -صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنهن جميعاً-، وكان يدور بين هذين الفريقين بعض المناوشات الطريفة، وكانت حفصة دائماً في صف عائشة والعكس صحيح، حتى أنَّ الله -تعالى- تحدّث عنهما معاً، وعاتبهما في القرآن الكريم عندما تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتفقتا عليه بسبب الغيرة الشديدة، قال -تعالى-: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}.[١][٢]


مواقف حفصة مع عائشة

حدثت عدّة مواقف بين حفصة وعائشة -رضي الله عنهما- تبين طبيعة العلاقة التي كانت تجمعهما، وسنوضح بعض تلك المواقف فيما يأتي:


إفشاء السر

جرى بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفصة في يوم من الأيام حديث خاص، وأوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة بألا تبوح بما جرى، وأن تكتم السر، لكنَّها ذهبت وأخبرت عائشة، فنزل الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخبراً إياه بما حدث، فذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر حفصة بأنَّ الله -تعالى- أخبره بأنَّها أفشت سره لعائشة، قال -تعالى-: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}.[٣][٤]


تبديل البعير

في يوم من الأيام وقعت القرعة من نصيب حفصة وعائشة للخروج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في إحدى سفراته كما هي عادته، وكانت كل واحدة منهنَّ تركب على بعيرها، فجعلت الغيرة حفصة تقترح على عائشة بأن يتبادلنَّ المركب فتبادلنه، وركبت كل واحدة منهنَّ على بعير الأخرى، ثمَّ مشى النبي -صلى الله عليه وسلم- بجانب بعير عائشة وأخذ يتحدث وهو يظن أنَّ عائشة هي التي تركب على البعير، وهنا شعرت عائشة بالغيرة من حفصة، فأخذت تتمنى بأن يلدغها عقرب أو حية حتى يلتفت إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويترك حفصة.[٤]


اتفاق المغافير

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحيان يطيل الجلوس عند زوجته زينب بنت جحش حينما يزورها، وكانت زينب تسقيه عسلاً، فغارت السيدة حفصة والسيدة عائشة منها، فاتفقتا أن تقول كل واحدة منهنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما يأتي إليها بأنَّها تشم منه رائحة مغافير، والمغافير هو نوع من الصمغ له رائحة قبيحة، فلما قُلن له ذلك، أخبرَهُن بأنَّه شرب عسلاً عند زينب، وظن أنَّ الرائحة من العسل، فحلف ألا يشرب منه مرة أخرى، فنزل قول الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[٥][٦]


المراجع

  1. سورة التحريم، آية:4
  2. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2021. بتصرّف.
  3. سورة التحريم، آية:3
  4. ^ أ ب قصة الإسلام (29/7/2008)، "حفصة زوجة الرسول"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  5. سورة التحريم، آية:1
  6. الموسوعة الحديثية، "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.