غزوات عبد الله بن عمر وجهاده

شهد عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- جميع الغزوات والمشاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باستثناء غزوتي بدر وأحد؛ وذلك لصغر سنّه، وكانت غزوة الخندق أول غزوة شارك فيها، ولم يتخلّف بعدها عن أي غزوة أو مشهد، فشهد -رضي الله عنه- مؤتة، وبيعة الرضوان، والحديبية، وفتح مكة، وتبوك، وغيرها.[١][٢]


واستمرّ -رضي الله عنه- على ذلك في عهد الخلافة الراشدة؛ فشهد المعارك والفتوحات؛ كاليرموك، واليمامة، والقادسية، وجلولاء، وشهد فتح مصر وإفريقيا، وكان ممن غزا الشام، والعراق، والبصرة، والمدائن، وفارس، وكان قد اعتزل القتال عندما حدثت الحروب والفتن بين المسلمين، وترك المنازعة في الخلافة، وانشغل بالعلم والعبادة؛ فكان هذا أيضاً من الجهاد الذي انتصر فيه على نفسه.[٣][٤]


ردّ النبي لعبد الله في غزوتي بدر وأحد

لم يستطع عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- المشاركة في غزوتي بدر وأحد؛ لأنه كان صغير السنّ، فقد أسلم -رضي الله عنه- وهو صغير مع أبيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهاجر معه إلى المدينة المنورة قبل أن يبلغ، وعندما حان وقت الغزو يوم بدر كان -رضي الله عنه- في مقدمة الغلمان المتحمسين للجهاد، والمتشوقين للشهادة، فعندما عرض نفسه أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- للمشاركة يوم بدر ردّه -عليه الصلاة والسلام-؛ رحمة وإشفاقاً به، فقد كان النبي يجيز من بلغ الخامسة عشرة من عمره من الغلمان للمشاركة في الجهاد، ويردّ من هم أقل عمراً من ذلك، وكان ابن عمر يبلغ من العمر وقتها ثلاثة عشر عاماً.[٥]


كما أنه قد عرض نفسه -رضي الله عنه- أيضاً في غزوة أحد، وكان عمره أربعة عشر عاماً، فردّه -صلى الله عليه وسلم-، وعندما كانت غزوة الخندق أجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- للمشاركة فيها، وكان قد بلغ من العمر خمسة عشر عاماً، حيث ورد عنه -رضي الله عنه- أنه قال: "عُرضتُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فلم يُجزني في المقاتلة، وعُرضتُ عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجزني في المقاتلة، وعُرضتُ عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة".[٥]


عبد الله بن عمر في الحديبية

شهد -رضي الله عنه- غزوة الحديبية، وكان ممن بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- على الموت في سبيل الله، وقد كانت مبايعته قبل مبايعة أبيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فجاء في الحديث: (...ولَكِنْ عُمَرُ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ أرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ إلى فَرَسٍ له عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ يَأْتي به لِيُقَاتِلَ عليه، ورَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وعُمَرُ لا يَدْرِي بذلكَ، فَبَايَعَهُ عبدُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إلى الفَرَسِ، فَجَاءَ به إلى عُمَرَ، وعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فأخْبَرَهُ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَذَهَبَ معهُ حتَّى بَايَعَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).[٦][٧]


عبد الله بن عمر في مؤتة

شارك -رضي الله عنه- في غزوة مؤتة، وروى تعيين النبي -صلى الله عليه وسلم- قادة الغزوة، فقال: (أَمَّرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ)،[٨] وروى أيضاً بعض المشاهد التي حدثت في الغزوة ورآها في عينه، فكان ممن قاله: (كُنْتُ فيهم في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بنَ أبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ في القَتْلَى، ووَجَدْنَا ما في جَسَدِهِ بضْعًا وتِسْعِينَ؛ مِن طَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ).[٨][٧]



المراجع

  1. سبط ابن الجوزي، مرآةالزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 116. بتصرّف.
  2. ابن عبد البرّ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 950. بتصرّف.
  3. "عبد الله بن عمر"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2022. بتصرّف.
  4. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 336. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محيي الدين مستو، عبد الله بن عمر الصحابي المؤتسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، صفحة 41-44. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم:4186، حديث صحيح.
  7. ^ أ ب محيي الدين مستو، عبد الله بن عمر الصحابي المؤتسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، صفحة 45-49. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4261، حديث صحيح.