قصة عبد الله بن مسعود


إسلام عبد الله بن مسعود

كان -رضي الله عنه- من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام، فهو سادس من أسلم، وجاء في قصة إسلامه أنه كان -رضي الله عنه- راعياً يرعى أغناماً لعقبة بن أبي معيط، فمرّ عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، وطلبا منه شرب اللبن، فأجابهم أنه مؤتمن على الأغنام فامتنع من إعطائهما، فطلب منه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأتيه بجذعة؛ وهي الشاة الصغيرة فأتى بها، فمسح النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضرعها فامتلأ فيه اللبن، وفاض منه اللبن بغزارة، فشرب منه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وابن مسعود -رضي الله عنهما- فأعجب بفعله، وطلب منه أن يعلّمه، فمسح النبي على رأسه وقال له: (يَرحَمُكَ اللهُ، إنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعلَّمٌ)،[١] فأسلم -رضي الله عنه- وحسن إسلامه.[٢][٣]


جهره بالقرآن الكريم عند الكعبة

كان -رضي الله عنه- أول من جهر بالقرآن الكريم في مكة، حيث وقف عند الكعبة المشرفة أمام مشركي قريش يقرأ بصوته الرقيق العذب سورة الرحمن، فنظر سادة قريش إلى بعضهم البعض وقالوا: ماذا يقول ابن أم عبد؟ تباً له إنه يتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه وضربوه ضرباً عنيفاً حتى سال الدم من وجهه، فقال له الصحابة -رضوان الله عليهم-: هذا والله ما خشيناه عليك يا ابن مسعود، فأجابهم -رضي الله عنه-: والله ما كان أعداء الله أهون في عيني من اليوم، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غداً، فقالوا: كلا، فقد أسمعتهم ما يكرهون.[٤]


طَلَبُ النبي منه أن يقرأ عليه القرآن

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يسمع القرآن الكريم من عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فطلب منه ذات مرة أن يقرأ عليه، فقال عبد الله: " أقرأ عليك وعليك أُنزل؟" فقال له: "إني أشتهي أن أسمعه من غيري"، فقرأ عليه سورة النساء حتى إذا بلغ آية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)،[٥] قال له النبي: كفّ؛ أي أمسك، وقد فاضت عيناه -صلى الله عليه وسلم-.[٦][٧]


موقفه في غزوة بدر

طلب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم غزوة بدر من الصحابة أن يذهب أحد لينظر ما يصنع أبو جهل، فأجابه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وانطلق يبحث عنه، فوجده قد طعن من قِبل ابنا عفراء -رضي الله عنهما-، فاحتقر أبو جهل وهو يموت ويحتضر ابن مسعود وأصحابه، فقال ابن مسعود: "هل أخزاك الله يا عدو الله؟! فأخذ سيفه وضربه"، فبصق أبو جهل في وجه ابن مسعود وقال: خذ سيفي فاجتز رأسي به، فأخذ ابن مسعود سيفه وقطع به رأسه وذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بمقتل أبي جهل.[٨]


وفاته ووصيته

مرض ابن مسعود في عهد الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعاده الصحابة والتابعون وعلى رأسهم عثمان، وقال له عثمان وهو على فراش الموت: "مما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: ألا آمر لك بعطاء، قال: لا حاجة لي فيه".


وكان قد أوصى أصحابهم بوصيته الخالدة في أخذ العلم وعمل الخير، فقال: "إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن عمل خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن عمل شراً يوشك أن يحصد شراً، فمن وقي فالله تعالى وقاه، ومن أعطاه الله فالله تعالى أعطاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة".[٩]


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام المبلاء، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1/465، حسن.
  2. مجموعة من المعارف، موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 269. بتصرّف.
  3. "عبد الله بن مسعود"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2022. بتصرّف.
  4. محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 11. بتصرّف.
  5. سورة النساء، آية:41
  6. عبد الستار الشيخ، عبد الله بن مسعود عميد حملة القرآن وكبير فقهاء الإسلام، صفحة 86. بتصرّف.
  7. عبد الجواد خلف، مدخل إلى التفسير وعلوم القرآن، صفحة 87. بتصرّف.
  8. محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 12. بتصرّف.
  9. "مقتطفات من سيرة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2022. بتصرّف.