سطّرت صفحات التاريخ أروع المواقف البطولية للقائد العظيم خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، حيث أصبح أنموذجاً في الحنكة العسكرية وقيادة المعارك، فقد استمرت حياته في إدارة الغزوات والفتوحات الإسلامية، التي كانت فاصلة في التاريخ الإسلامي، إذ إن عبقريته وبراعته في التخطيط العسكري وقيادة الجيوش بلغ مبلغاً عظيماً، فقد ذُكر أنه من القادة القلائل الذي لم يُهزموا في معركة في حياتهم، وبالرغم من أن حياته انقضت في المعارك والفتوحات الصعبة والقاسية، إلا أنه لم يستشهد في ساحات القتال، وتوفي على الفراش، وقال مقولته المشهورة: "قد حضرتُ كذا وكذا زحفًا وما في جسدي موضع شبر إلَّا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".[١]


فتوحات خالد بن الوليد ومعاركه

خاض -رضي الله عنه- الكثير من المعارك والفتوحات؛ فأول معركة شارك فيها بعد إسلامه غزوة مؤتة، إذ كان له الدور البارز في تغيير مجريات المعركة من هزيمة إلى انتصار، وشهد أيضاً فتح مكة وحنين وتبوك وما بعدها، وبعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ظهرت شجاعته وقوته، فأمّره الخليفة أبو بكر في قتال المرتدين في حروب الردة، وواجه مسليمة الكذاب في معركة اليمامة، وقاد جيش المسلمين في موقعة اليرموك ضد الروم، فمواقفه العظيمة وفتوحاته الكثيرة كموقعة ذات السلاسل، وفتح الحيرة وأجنادين، وفتوحات العراق والشام، ومعارك دمشق وحمص، وفيما يلي الحديث عن دوره في بعض فتوحاته:[٢]


خالد بن الوليد في فتح العراق

بعد الانتهاء من حروب الردة بانتصار المسلمين، والقضاء على فتنة الردة، أمر الخليفة أبو بكر الصديق خالداً -رضي الله عنهما- بأن يجمع جنده ويتوجه نحو العراق، فبدأ -رضي الله بالتحرك في فتح العراق، وكانت بدايات فتحه في العراق منطقة الكاظمة، وكانت أول معركة له فيها ذات السلاسل التي كانت ضد الفرس بقيادة هرمز، وانتصر المسلمون فيها، واستطاع خالد أن يحقق العديد من الانتصارات والفتوحات في العراق؛ كموقعة المذار؛ والولجة، وأليس، وفتح الحيرة، وحصن الأبلة، وأَمْغِيشيا، والأنبار، وعين التمر، ودومة الجندل، والحصيد، والخنافس، والمصيخ، والفراض، فامتدّ نفوذه وبسط سلطانه -رضي الله عنه-.[٣][٤]


خالد بن الوليد في فتح الشام

جاء خطاب من الخليفة أبي بكر الصديق إلى خالد بأن يتوجّه نحو الشام، لنجدة ومساعدة أمرائها وجيوش المسلمين في مواجهة جيوش الروم العظيمة، فاستخلف -رضي الله عنه- المثنى بن حارثة في العراق، وقسّم الجيش إلى قسمين، قسم بقي مع المثنى، والقسم الآخر ذهب معه إلى الشام، فلما وصل إلى الشام أعاد تقسيم جيوش المسلمين، وجمّعهم تحت راية واحدة، ليتمكنوا من صدّ الروم ومواجهتنهم، فحقق -رضي الله عنه- انتصارات عديدة أيضاً؛ كموقعة أجنادين وفتحها، ومعركة اليرموك، وحصار دمشق وفتحها، وفتح حمص وقنسرين، وغيرهم.[٥][٦]


وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما أصبح خليفة للمسلمين بعد وفاة أبي بكر، قد عزل خالد عن إمارة الجيوش، وأعطى أبا عبيدة مهمة إمارة الجيوش، إلا أن خالد لم يتوقف عن الفتوحات، والمشاركة في المعارك، وبقي يقاتل في صفوف المسلمين.[٥][٦]



المراجع

  1. محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 16. بتصرّف.
  2. أنور الجندي، من أعلام المسلمين، صفحة 20-18. بتصرّف.
  3. بسام العسلي، قادة فتح بلاد الشام والعراق، صفحة 177-200. بتصرّف.
  4. "خالد بن الوليد يشن حملات على العراق"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2022. بتصرّف.
  5. ^ أ ب بسام العسلي، قادة فتح بلاد الشام والعراق، صفحة 202-221. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "خالد بن الوليد"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2022. بتصرّف.