من هي سودة؟

هي أمّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس العامريّة القرشيّة -رضي الله عنها-، والدتها الشموس بنت قيس بن عمرو النجاريّة، كانت -رضي الله عنها- متزوجة من ابن عمها السكران بن عمرو، وكانا قد أسلما وهاجرا معاً إلى أرض الحبشة، وبعد أن توفي زوجها -رضي الله عنه- تزوّج منها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فكانت أول زوجة له -عليه الصلاة والسلام- بعد خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وقد اشتُهرت -رضي الله عنها- بحبها للصدقة، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلْنَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَيُّنَا أَسْرَعُ بكَ لُحُوقاً؟ قالَ: أَطْوَلُكُنَّ يَدًا، فأخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أنَّما كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا به وكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ)،[١] وقد توفيت أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- في السنة الرابعة والخمسين للهجرة، وذلك في آخر خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[٢]


لماذا وهبت سودة يومها لعائشة؟

ثبت عند أهل الحديث والسير أنَّ سودة أمّ المؤمنين قد وهبت يومها لعائشة -رضي الله عنهما-، إلّا أنّهم قد اختلفوا في سبب هذا الفعل على عدّة آراء، وفيما يأتي ذكر بعضها:[٣]


الرأي الأول

وهبت سودة يومها لعائشة -رضي الله عنهما- بعد تطليق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لها، وهذا الرأي هو رأيٌ ضعيف كما قال بذلك أهل العلم، فممّا رُوي في ذلك: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ طلَّقَ سودةَ تطليقةً فجلسَتْ في طريقِهِ فلمَّا مرَّ سألَتهُ الرَّجعةَ وأن تَهَبَ قَسْمَها منهُ لأيِّ أزواجِهِ; رجاءَ أن تُبعَثَ يومَ القيامَةِ زوجتُهُ فراجعَها وقبِلَ ذلكَ منها)،[٤] وهو حديث إسناده ضعيف كما قال بذلك أهل الاختصاص.


الرأي الثاني

همّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بتطليق سودة -رضي الله عنها-، فبعد ذلك وهبت -رضي الله عنها- يومها لعائشة، وهذا الرأي لم يؤيده أحد من العلماء، حيث لم يقفوا على حديث صحيح في ذلك.


الرأي الثالث

كانت سودة قد وهبت يومها لعائشة -رضي الله عنهما- لتوقعها بأنَّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سوف يطلقها، فقامت باستباق الأحداث وطلبت من زوجها رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن تُآثر بيومها لعائشة -رضي الله عنها-، حيث آثرت أن تبقى على عصمة رسول الله ومن زوجاته -صلّى الله عليه وسلّم- في الدنيا والآخرة، فوافق على ذلك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي هذا الرأي ورد عدّة أحاديث صحيحة، فعن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- أنَّه قال: (قالَت عائشَةُ: ولقَد قالَت سودةُ بنتُ زَمعةَ: حينَ أسنَّت وفرَقت أن يفارِقَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يا رسولَ اللَّهِ، يومي لعائشَةَ، فقبِلَ ذلِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ منْها).[٥]


الرأي الرابع

رغبت سودة -رضي الله عنها- أن تهب يومها لعائشة وأن تكسب قلب زوجها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ورضاه، فقد كان الجميع يعلم بمكانة عائشة ومنزلتها في قلبه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الرأي مما ثبت صحته أيضاً عند أهل العلم، حيث روت عائشة -رضي الله عنها- ذلك، فقالت: (غيرَ أنَّ سَوْدَةَ بنْتَ زَمْعَةَ وهَبَتْ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، تَبْتَغِي بذلكَ رِضَا رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).[٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1420، حديث صحيح.
  2. "مقالة مميزة السيدة سودة بنت زمعة"، قصة الإسلام، 27/2/2015، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
  3. "الأسباب الواردة في هبة سودة ليلتها لعائشة وبيان الراجح منها"، الإسلام سؤال وجواب، 7/6/2009، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
  4. رواه الشوكاني ، في در السحابة، عن الهيثم أو أبو الهيثم، الصفحة أو الرقم:257 ، حديث إسناده فيه ضعف.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عروة بن الزبير ، الصفحة أو الرقم:2135، حسن صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2688، حديث صحيح.