خالد بن الوليد هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة المخزوميّ، والدته هي لبابة بنت الحارث وقد أسلمت -رضي الله عنها-، وكانت كنيته -رضي الله عنه- أبو سليمان، ولد -رضي الله عنه- بمكة المكرمة، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد لقّبه بسيف الله المسلول بعد أن أبلى بلاءً حسناً في غزوة مؤتة، وهي أول غزوة له بعد إسلامه، فأثبت فروسيته في القتال مع المسلمين، فقد كان -رضي الله عنه- قائداً شجاعاً ومقداماً يهابه الأعداء، وقد دخل الإسلام -رضي الله عنه- في السنة الثامنة للهجرة، وكان ذلك قبل فتح مكة بستة أشهر، وقد قاتل مع المسلمين فيما يقارب المائة معركة،[١] وقد تزوّج من عدّة زوجات، كانت منهنّ كبشة بنت هوذة، وقد أنجب منها سليمان، وتزوّج من أم تميم الثقفية وأنجب منها ابنه عبد الله الأول، كما تزوج من ابنة أنس بن مدرك وأنجبت له كلاً من: عبد الرحمن، والمهاجر، وعبد الله الأكبر.[٢]


صفات خالد بن الوليد الخَلقية

من أبرز الصفات الشكلية التي تحدث عنها أهل السير هي القوة الجسدية، فقد امتاز-رضي الله عنه- بقوته، حيث نُقِل عنه أنَّه قال: (لَقَدِ انْقَطَعَتْ في يَدِي يَومَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ، فَما بَقِيَ في يَدِي إلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ)،[٣] ويُذكر أيضاً أنَّه -رضي الله عنه- كان كثير الشبه بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حتى أنَّ بعض الناس كانوا يخلطون بينهم.[٢]


صفات خالد بن الوليد الخُلقية

اشتهر خالد بن الوليد رضي الله عنه- بالأخلاق الحميدة، والصفات النبيلة، كحبّ التضحية، والإيثار، وغيرها، حتى قال فيه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: "عجزت النساء أن يلدنَّ مثل خالد!"،[٤] وفيما يأتي ذكر بعض هذه الصفات:[٢]


الشجاعة

كثيرةٌ هي الشواهد التي تشهد على شجاعة خالد بن الوليد، ففي غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة استشهد قادة جيش المسلمين الثلاث الذين اختارهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد حمل الراية بعدهم خالد بن الوليد، وكان جيش المسلمين حينها بموقف حرج، فتصرّف بشجاعة وأنقذ جيش المسلمين بالموقف اللازم، وبأسلوب القائد الشجاع تمكّن أن ينسحب بهم موفراً لهم سُبُل الأمان، وبأقل الخسائر.[٥]


الفكر العميق

كان -رضي الله عنه- يمتاز بالتفكير العميق، فقد ذُكِر عنه أنَّه كان إذا أراد أن يتخذ قراراً معيناً، فكّر ملياً، وأخذ ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، ويتفكّر كثيراً، فلا يخرج منه رأي إلّا بعد تبصّر عميق.[٢]


فداء نفسه وما يُحب لله تعالى

حيث ورد عنه -رضي الله عنه- أنّه قال: "ما من ليلة يهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محب، وأبشَّر فيها بغلام، بأحبَّ إليَّ من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين، أصبح بهم العدو".[٢]


القيادة الناجحة

لم يعرف التاريخ قياديًّا ناجحًا كخالد بن الوليد، فقد كان بكل يسر يضع الخطط الاستراتيجيّة العسكرية ويحقق النصر، وقد كان -رضي الله عنه- يعرف بذلك قبل إسلامه، وبعده تعزز ذلك فيه.[٦]


الحنكة في اتخاذ القرارات المناسبة

فقد عُرف خالد -رضي الله عنه- بالحنكة والفطنة، وهذا ممّا جعل له مكانةً خاصة بين أهل قريش، قبل إسلامه وبعده.[٢]


الكرم

حيث كان -رضي الله عنه- كثير العطاء، كريمًا من حرّ ماله، يعطي من يجيء إليه من أشراف العرب من ماله الخاص حتى أنَّ عمراً -رضي الله عنه- لامه ذات مرّة على ذلك.[٢]


العلم

اختصَّ الصحابيّ خالد -رضي الله عنه- بأحكام الجهاد، فكان أعلم الصحابة بها، ويعود ذلك لانشغاله -رضي الله عنه- بالجهاد، فقد كان مرجعاً للصحابة في ذلك كما فعل أبو بكر -رضي الله عنه- في حروب الردة.[٢]


دروس مستفادة من سيرة خالد بن الوليد

إنَّ الباحث في سيرة أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجد فيها كلّ ما يثري حياة الإنسان، والمبحر في سيرة خالد بن الوليد لا يخرج منها إلّا باللؤلؤ الثمين، وفيما يأتي بعض الدروس والعبر المستفادة من سيرته -رضي الله عنه-:[٧]

  • العزّة والمنعة للأفراد والجماعات لا تكون إلّا بالإسلام، فقد نُقِل عنه أنّه قال -رضي الله عنه-: "والله لقد استقام المنسم، وإن الرجل -يقصد محمد صلّى الله عليه وسلّم- لرسول، فحتى متى؟! أذهب والله فأسلم".
  • الاقتداء به -رضي الله عنه- في الإقدام والشجاعة، والتعلّم من حنكته السياسية والعسكرية.
  • الآخرة هي بوصلة المؤمن، وما الحياة الدنيا إلى ممر، يظهر ذلك جليّاً في كتابه الذي أرسله إلى رئيس بلاد فارس.
  • غاية المؤمن الشهادة، فعندما جاءه مرض الموت الذي أقعده في الفراش، قال -رضي الله عنه- وهو يبكي: "لقد شهدت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة رمح، أو رمية سهم، ثم ها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء".


المراجع

  1. "خالد بن الوليد رضي الله عنه"، الألوكة، 18/5/2015، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د د. عبدالعزيز بن إبراهيم العمري (7/9/2010)، "جوانب من الحياة الشخصية لخالد بن الوليد"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن أبي حازم، الصفحة أو الرقم:4265 ، حديث صحيح.
  4. خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 300. بتصرّف.
  5. "العبقرية العسكرية في شخصية خالد بن الوليد"، قصة الإسلام، 5/1/2016، اطّلع عليه بتاريخ 24/8/2021. بتصرّف.
  6. الدعاة/خالد بن الوليد...سيف الله المسلول/i17248&p34 " خالد بن الوليد سيف الله المسلول"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021. بتصرّف.
  7. حسين بن سعيد الحسنية، "هكذا علمنا خالد"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 24/8/2021. بتصرّف.