من هي حمنة بنت جحش؟

هي الصحابية الجليلة حمنة بنت رياب الأسدية من بني أسد بن خزيمة، وهي أخت أم المؤمنين زينب بنت جحش زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخت الصحابيين الجليلين؛ عبد الله بن جحش وعبد بن جحش -رضي الله عنهما-،[١] وأمهم جميعاً هي أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهم أبناء عمة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وكانت حمنة -رضي الله عنها- من الصحابيات المهاجرات المبايعات، ونالت شرف شهودها لغزوة أحد، التي هي أول غزوة في الإسلام شاركت فيها النساء، فكانت إحدى الصحابيات اللاتي خرجن للمشاركة في غزوة أحد، حيث قامت بسقاية العطشى من المحاربين وحمل الجرحى وعلاجهم.[٢][٣]


زوجها وأولادها

كانت -رضي الله عنها- زوجة لمصعب بن عمير -رضي الله عنه-، ولم تنجب منه أولاداً، وبعد استشهاده في غزوة أحد تزوجها الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله- رضي الله عنه-، وأنجبت له ولدين؛ محمداً وعمران.[٤][٥]


حمنة بنت جحش ورواية الحديث

عرفت -رضي الله عنها- بروايتها للحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث أورد أهل الحديث في كتبهم مسنداً خاصاً لأحاديثها، فذُكرت في أبواب الفقه والطهارة،[٦] وذكر أهل السير في كتبهم عند الترجمة لها أنها من الصحابيات اللاتي روين الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما وكان ابنها عمران بن طلحة -رضي الله عنه- يروي عنها.[٢][٥]


ومن أشهر الأحاديث التي روتها عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في الطهارة حديث الاستحاضة، فقالت: (كنتُ أُستحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً ، فأتَيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أستفتِيهِ وأُخْبِرُهُ . فوجدتُّهُ في بيتِ أختي زينبَ بنتِ جَحْشٍ فقلْتُ : يا رسولَ اللهِ ، إِنَّي أُستحاضُ حيضَةً كبيرَةً شديدَةً ، فما تَأْمُرُنِي فيها ، قدْ منَعَتْنِي الصيامَ والصلاةَ ؟ قال : أنعتُ لَكِ الكُرْسُفَ ، فإِنَّه يُذْهِبُ الدمَ . قالت : هو أكثرُ من ذلِكَ ؟ قال : ( فَتَلَجَّمِي ) قالت : هو أكثرُ مِنْ ذلِكَ ؟ قال : ( فاتخذي ثوبًا )...).[٧][٦]


حمنة بنت جحش واجتهادها في العبادة

اشتهرت -رضي الله عنها- باجتهادها في عبادتها، وصبرها وتحمّلها على أداء الطاعة، ومما يدلّ على ذلك أنها كانت -رضي الله عنها- تربط حبلاً بين عمودين في المسجد، فإذا تعبت في وقوفها وهي تصلي استندت عليه، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك نهى عنه وأمر بفكّ الحبل، وبيّن أنه إن تعب المصلي في صلاته ولم يقدر على الاستمرار واقفاً فيشرع له أن يجلس، وهذا من باب التيسير والتخفيف وإنكار التشدد في العبادة.[٨]


موقف حمنة بنت جحش على ما أصابها في غزوة أحد

فقدت -رضي الله عنها- في غزوة أحد زوجها مصعب بن عمير، وأخاها عبد الله بن جحش، وخالها حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنهم-، إلا أنه بالرغم من عظم مصابها وبلائها بقيت صابرة محتسبة أجرها لله -تعالى-، فبعد انتهاء غزوة أحد ودفن الشهداء، رجع -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة، فلقيته حمنة بنت جحش -رضي الله عنها-، فأمرها -عليه الصلاة والسلام- أن تحتسب وأخبرها باستشهادهم الثلاثة -رضي الله عنهم.[٩][١٠]


وقد ذكرت كتب السير والتراجم حديثه معها -عليه الصلاة والسلام- عندما أخبرها باستشهادهم، فجاء في ذلك: "فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا حمنة احتسبي، قالت: من يا رسول الله؟ قال: أخاك عبد الله بن جحش، فاسترجعت، واستغفرت له، ثمّ قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: احتسبي، فقالت: من يا رسول الله؟ قال: خالك حمزة بن عبد المطلب، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، غفر الله له، هنيئا له الشهادة، ثمَّ قال لها: احتسبي، قالت: من يا رسول الله؟ قال: زوجك مصعب بـن عُمير، قالت: واحزنـاه! وصاحت، وولولت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ زوج المرأة منها لبمكان...".[٩][١٠]



ومن الجدير بالذكر أن ما ذكر في هذا المقال هو أبرز ما جاء عن الصحابية حمنة بنت جحش -رضي الله عنها- في كتب السير والتراجم وأهم المواقف في حياتها.



المراجع

  1. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1593. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن لأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 71. بتصرّف.
  3. ابن كثير، التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل، صفحة 229. بتصرّف.
  4. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 88. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن عبد البرّ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1813. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ابن حجر العسقلاني، إتحاف المهرة لابن حجر، صفحة 920. بتصرّف.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حمنة بنت جحش، الصفحة أو الرقم:128، حسن صحيح.
  8. الخطيب البغدادي، الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة، صفحة 411. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "حمنة بنت جحش"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 1/11/2022. بتصرّف.
  10. ^ أ ب علي الصلابي، السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، صفحة 511-512. بتصرّف.