عدد الصحابة في حجة الوداع

اختلف أهل السيرة والتاريخ في عدد الصحابة الذين حضروا حجة الوداع مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد اتفق الجميع على أن عددهم كان كبيراً، وتعددت أقوالهم في ذلك، فمنهم من قال بأن عدد الصحابة الذين كانوا في حجة الوداع هو أربعون ألفَ صحابي،[١] ومنهم من قال بأنهم تسعون ألفاً،[٢] ومنهم من قال بأن عددهم هو مائة ألفٍ تقريباً،[٣] ومنهم من قال بأنهم مائةٌ وأربعة عشر ألفاً،[٢] ومنهم من أوصل العدد إلى مائةٍ وأربعةٍ وأربعينَ ألفاً.[٤]


وقد ورد في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في صحيح مسلم وصفُ العدد الهائل من الصحابة الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، فقال: "فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى إذَا اسْتَوَتْ به نَاقَتُهُ علَى البَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إلى مَدِّ بَصَرِي بيْنَ يَدَيْهِ، مِن رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذلكَ".[٥]


ما هي حجة الوداع؟

هي الحجة الوحيدة التي حجّها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته من مكة إلى المدينة وبعد فرض الحج في الإسلام، وكانت حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، وسميت بحجة الوداع لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودع فيها المسلمين بقوله: "لعلِّي لا أراكم بعدَ عامي هذا"،[٦] ولم يحج بعدها لأن الله -تعالى- توفاه بعد ذلك، وتسمى أيضاً بحجة الإسلام وحجة البلاغ والتمام، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلغ فيها المسلمين شعائر الحج بقوله وفعله، وأنزل الله عليه بعد ذلك وهو يقف على جبل عرفة قوله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[٧][٨]


خطبة الوداع

خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع خطبة عظيمة في جموع المسلمين، سميت بخطبة الوداع، أعلم فيها المسلمين بأحكام الحج ومناسكه، وبينها لهم بفعله، وأبلغهم بما يحل لهم وما يحرم عليهم، أوصى فيها المسلمين بوصايا عظيمة ووضع لهم قواعد عامة يسيرون عليها في حياتهم، ومما جاء في تلك الخطبة قوله: "إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ علَيْكُم، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، أَلَا كُلُّ شَيءٍ مِن أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ".[٥][٨]


بكاء عمر بن الخطاب في خطبة الوداع

عندما نزلت الآية الكريمة قول الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٧] وسمعها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بكى بكاء شديداً، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان؛ فقد شعر -رضي الله عنه باقتراب أجل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه باكتمال الشرع سينقطع الوحي، وأنه من الممكن أن يكون هناك نقصان إذا فرط المسلمون وضيّعوا.[٩]



المراجع

  1. أحمد شاكر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، صفحة 373. بتصرّف.
  2. ^ أ ب علاء الدين مغلطاي، الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا، صفحة 346. بتصرّف.
  3. سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 106. بتصرّف.
  4. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 408. بتصرّف.
  5. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218 ، حديث صحيح.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:886 ، حديث صحيح.
  7. ^ أ ب سورة المائدة، آية:3
  8. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 466-467. بتصرّف.
  9. "حجة الوداع"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/6/2022. بتصرّف.