بلغ عمر أبي هريرة رضي الله عنه عندما توفي ثمانٍ وسبعين عاماً،[١]وكانت وفاته سنة سبع وخمسين، وقيل ثمان وخمسين، وقيل تسع وخمسين للهجرة،[٢]

  • وقد دُفن في البقيع في المدينة، وصلّى عليه الوليدُ بن عُتبة بن أبي سفيان الذي كان أميراً على المدينة بعد عزل مروان بن الحكم عنها، وحضر جنازته عددٌ من الصحابة -رضيَ الله عنهم- كأبي سعيد الخُدْري وعبد الله بن عمر -رضيَ الله عنهم- وشهدها أيضا مروان بن الحكم، وكان ابن عمر كثير الترحّم عليه أثناء السير بجنازته، وتولَّى أبناء عثمان بن عفان -رضيَ الله عنه- حمل الجنازة تقديراً منهم لموقف أبي هُريرة في مناصرة أبيهم عثمان -رضيَ الله عنهما- عند استشهاده.[٣]
  • وكان -رضيَ الله عنه- في مرض موته ينصح الناس ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحذّرهم من الاغترار بالدنيا والركون إليها، وكان حريصا على السُّنة وهو على فراش الموت فقد كان يُوصي أن يُسرعوا في جنازته، وقد عَادَهُ مروان بن الحكم يدعوا له بالشفاء فأجابه -رضيَ الله عنه- أنَّه يحب لقاء الله -تعالى- إشارة منه إلى حُب الموت، وكان -رضيَ الله عنه- يبكي في مرض موته من قلة الزاد وطول السفر.[٤][١]


كيف عاش أبو هُريرة بعد إسلامه؟

أسلم أبو هُريرة -رضيَ الله عنه- في بداية السَّنة السابعة من الهجرة على يد الطُّفيل بن عمرو الدوسي فقدم المدينة فوجد النبيَّ -صلّى الله عليه وسلَم- ذاهباً لخيبر، فلحقه وشهد معه فتح خيبر، وهناك العديد من الأمور التي تمثّل جانباً مضيئاً في حياته -رضي الله عنه- ومن أبرزها ما يأتي:[٥][١]


ملازمة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-

كان أبو هريرة- رضي الله عنه- كثير الملازمة للنبي -صلّى الله عليه وسلَم- لآخر حياته على مدى السنوات الأربع التي عاصره فيها؛ في حضره وسفره، وسلمه وحربه، وحجه وغزوه، وليله ونهاره، ويدور معه حيث دار ويدخل بيته وكان معه في جميع أحواله خادماً له ولأهل بيته على ملء بطنه.


طلب العلم والصبر عليه

كان -رضيَ الله عنه- شغوفاً بطلب العلم وحفظ الأحاديث النبوية وروايتها، محبَّا للنبيّ وآله -صلّى الله عليه وسلَم-، وبفضل دعاء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- له بقوله:(مَن يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حتَّى أقْضِيَ مَقالتِي، ثُمَّ يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شيئًا سَمِعَهُ مِنِّي فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ ما نَسِيتُ شيئًا سَمِعْتُهُ منه)،[٦] كل ذلك مكَّن أبو هُريرة -رضيَ الله عنه- من حَمل العلم الكثير الطيب عنه -صلّى الله عليه وسلَم- ليصبح أكثر الصحابة رواية عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، في حين كان المهاجرون والأنصار -رضيَ الله عنهم- مشغولين في أعمالهم وتجاراتهم وحاجاتهم، فقد ورد عنه -رضيَ الله عنه- قوله: (ألْزَمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى مِلْءِ بَطْنِي، وكانَ المُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بالأسْوَاقِ، وكَانَتِ الأنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ القِيَامُ علَى أمْوَالِهِمْ)،[٦] وقد بلغ من غزارة علمه -رضيَ الله عنه- أن قصده كبار الصحابة المتقدمين في الإسلام يسألونه عن حديث رسول الله لمعرفتهم شدة ملازمته للنبيّ -صلّى الله عليه وسلَم- منهم عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، وغيرهم -رضيَ الله عنهم-.


الفقر والورع والتمسك بالسنة

كان -رضيَ الله عنه- من أشهر الفقراء والمساكين صابراً على الفقر والجوع، وربما يُصرَع ويربط بطنه بالحصى بسبب شدة الجوع، اتَّخذ -رضيَ الله عنه- الصُّفة مقراً له وكان مسؤولاً عن أهل الصُّفة عارفاً بأحوالهم، والصفة هو مكان خصّص لفقراء المسلمين في المسجد النبوي، كما أنّه كان في حياته ورعاً مُلتزما بالسُّنة آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.


عبادة الله وطاعته

كان -رضيَ الله عنه- كثير العبادة يُكثر من الصلاة والصوم والذِّكر، فقد عاش نهارَه صائماً، وليلَه مُقسَّماً للصلاة ومدارسة حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلَم-.


اعتزال الفتن

اعتزل -رضيَ الله عنه- الفتن التي حصلت بعد استشهاد عثمان بن عفان -رضيَ الله عنه- متمسكاً بقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-(سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ).[٧]


حفظ القرآن الكريم وتعليمه للتابعين

فلم يقتصر علمه على الحديث النبوي فقط، بل كان حافظاً للقرآن الكريم مُعلّماً له؛ لِما ورد عن الذهبي -رحمه الله- أنَّه -رضيَ الله عنه- قرأ القرآن على أُبيّ بن كعب وعَلَّمَهُ للتابعين.


العمل بعلمه

وكان -رضيَ الله عنه- حريصاً على فعل كل ما تعلّمه من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقد ورد عنه:(أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْر).[٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد المطري (11-6-2014)، "سيرة أبي هريرة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23-11-2021. بتصرّف.
  2. محمد الخطيب، أبو هريرة راوية الإسلام، صفحة 100. بتصرّف.
  3. محمد الخطيب ، أبو هريرة راوية الإسلام، صفحة 101. بتصرّف.
  4. محمد الخطيب ، أبو هريرة راوية الإسلام، صفحة 99. بتصرّف.
  5. محمد الخطيب ، كتاب السنة قبل التدوين، صفحة 412-417. بتصرّف.
  6. ^ أ ب رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7354 ، صحيح.
  7. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:7082 ، صحيح.
  8. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1178 ، صحيح.