عبد الله بن مسعود

هو الإمام الرباني أبو عبد الرحمن عبد الله بن أمِّ عبدٍ الهُذَليُ، كان من الصحابة السابقين الأولين في الإسلام، ومن سادة القوم وأكثر الصحابة علماً، ويعدّ عبد الله بن مسعود من الصحابة الذين أكثروا من الرواية عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد كان مصاحباً وملازماً لرسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وكان أول الصحابة جهراً بالقرآن الكريم في مكة المكرمة، وقد ذكر عبد الرحمن بن يزيد أنّه سأل حذيفة فقال: "حدثنا عن أقرب الناس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هديًا ودلاً وسمتًا فنأخذ عنه ونسمع منه، قال: هو ابن مسعود"، وكان عبد الله قد هاجر الهجرتين، وقد توفي عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- سنة اثنتين وثلاثين في المدينة المنورة، وكان عمره -رحمه الله تعالى- حينئذ ستين عام.[١]


إسلام عبد الله بن مسعود

أسلم الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في عمرٍ صغير، وهو من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام، حيث يحدّث -رضي الله عنه- عن قصة إسلامه فيقول: (كنتُ أرعى غَنَمًا لعُقْبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ، فمَرَّ بي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ وأبو بَكرٍ، فقال: يا غُلامُ، هل مِن لَبَنٍ؟ قال: قلتُ: نعَمْ، ولكِنِّي مُؤتَمَنٌ. قال: فهل مِن شاةٍ لم يَنْزُ عليها الفَحلُ؟ فأتَيتُه بشاةٍ فمسَحَ ضَرعَها، فنزَلَ لَبَنٌ، فحَلَبَه في إناءٍ، فشَرِبَ وسَقَى أبا بَكرٍ، ثمَّ قال للضَّرعِ: اقلِصْ. فقَلَصَ. قال: ثمَّ أتَيتُه بعدَ هذا فقلتُ: يا رسولَ اللهِ عَلِّمْني مِن هذا القَولِ. قال: فمَسَحَ رأْسي، وقال: يَرحَمُكَ اللهُ؛ فإنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ. ثمَّ قال الإمامُ أحمَدُ رَحِمَه اللهُ: ثَنا عَفَّانُ، ثَنا حَمَّادُ بنُ سَلَمةَ، عن عاصِمٍ بإسنادِه، قال: فأتاه أبو بَكرٍ بصَخرةٍ مَنقورةٍ فاحتَلَبَ فيها، فشَرِبَ، وشَرِبَ أبو بَكرٍ، وشَرِبتُ، قال: ثمَّ أتَيتُه بعدَ ذلكَ قلتُ: عَلِّمْني مِن هذا القرآنِ. قال: إنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ. قال: فأخَذتُ مِن فيه سَبعينَ سورةً)،[٢] ويظهر جليّاً في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تبليغ الدعوة والإسلام لجميع فئات المجتمع، فلم يتردد في تعليم القرآن الكريم لغلامٍ صغيرٍ، بل علّمه بكل رغبةٍ في ذلك، بل وشجعه على المزيد.[٣]


مكانة عبد الله بن مسعود عند النبيّ

كان لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- مكانة خاصة عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث روت أمّ موسى -رضي الله عنها- فقالت: (سمِعْتُ عليًّا يقولُ: أمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ابنَ مسعودٍ فصعِد على شجرةٍ أمَره أنْ يأتِيَه منها بشيءٍ، فنظَر أصحابُه إلى ساقِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ حينَ صعِد الشجرةَ، فضحِكوا من حُموشةِ ساقَيْه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما تَضحَكونَ؟ لَرِجْلُ عبدِ اللهِ أثقَلُ في الميزانِ يومَ القيامةِ من أُحُدٍ).[٤][٥]


وذكر أبو موسى -رضي الله عنه- ما كان لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- من مكانة رفيعة، فعن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَكُنَّا حِينًا، وَما نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأُمَّهُ إلَّا مِن أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مِن كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ له).[٦][٧]


مكانة عبد الله بن مسعود عند الصحابة

مكانة عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو

ذُكِرَ عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، فقال: (ذَاكَ رَجُلٌ لا أزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ ما سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ؛ مِن عبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -فَبَدَأَ به-، وسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ. قالَ: لا أدْرِي بَدَأَ بأُبَيٍّ، أوْ بمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ).[٨][٩]


مكانة عبد الله بن مسعود عند أبي موسى الأشعري

يشهد أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- بالمنزلة العالية لابن مسعود -رضي الله عنه- فيما يتعلّق في تفسير القرآن الكريم، ويُرجع سبب هذه المكانة إلى أنَّ عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يسمع حين لا يتيسر لغيره السماع، ويدخل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين لا يؤذن لأحدٍ بالدخول، وهذا كلّه جعله أكثر فقهاً وعلماً بتفسير القرآن الكريم من بين أصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين-.[١٠]


مكانة عبد الله بن مسعود عند عمر بن الخطاب

تزامنت ولاية عبد الله على قضاء الكوفة، وعمر بن الخطاب أمير بيت مالها، فلمّا ابتعث عمر عبد الله إلى أهلها كتب لهم: "إنِّي قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلِّمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلَّى الله عليه وسلّم، من أهل بدر فاسمعوا، وقد جعلتُ ابن مسعود على بيت مالكم فاسمعوا فتعلَّموا منهما، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي".[٩]



مواضيع أخرى:

فقه عبد الله بن مسعود

خصائص وصفات عبد الله بن مسعود


المراجع

  1. الشبكة الإسلامية (26/09/2011)، "عبد الله بن مسعود"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/4/2021. بتصرّف.
  2. رواه الوادعي، في صحيح دلائل النبوة، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:130، حديث حسن.
  3. أ.د.راغب السرجاني (2017/01/22)، "قصة إسلام عبد الله بن مسعود"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 21/4/2021. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:920، حديث صحيح لغيره.
  5. "عبد الله بن مسعود"، قصة الإسلام، 2006/05/01، اطّلع عليه بتاريخ 21/4/2021. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:2460، حديث صحيح.
  7. د. أمين بن عبدالله الشقاوي (11/12/2013)، "مقتطفات من سيرة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 21/4/2021. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:3758، حديث صحيح.
  9. ^ أ ب
  10. إسلام ويب (13/10/2016)، "عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من مفسري الصحابة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/4/2021. بتصرّف.