شرف الدفاع عن رسول الله

كان حال الصحابة -رضوان الله عليهم- هو فداء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنفسهم، وأبنائهم، وأموالهم، فلا يرضون أن يُشاك بشوكةٍ، ولا يُؤذى بكلمةٍ، فكان لهم مواقف مشرّفة، وقصص مليئة بالتضحيات العظيمة، التي يتجلّى فيها حبّهم وفداؤهم له -عليه الصلاة والسلام-،[١] وكان هذا حال الصحابيات أيضاً، فقد كُنَّ يشاركن مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غزواته، ومنهنّ زوجاته -رضي الله عنهنّ- فكان إذا أراد الخروج في غزوة أقرع بينهنّ فتخرج معه من كان سهمها، وكان من أروع قصص الدّفاع عنه من الصّحابيات، دفاع نسيبة أم عمّار التي شاركت في غزوة أحد وكانت تقاتل بنفسها دفاعاً عنه -صلّى الله عليه وسلّم-.[٢]


من هي الصحابية التي دافعت عن الرسول؟

هي نسيبة بنت كعب -رضي الله عنها- وقد عُرفت بحبّها لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وظهر ذلك جليًّا في دفاعها عنه ومقاتلتها دونه يوم أُحد، وبجهادها فكانت تشهد الغزوات مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فشهدت أحداً مع زوجها وأبنائها، وصلح الحديبية، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، كما شهدت اليمامة، وعرفت أيضاً بصبرها، وتحمّلها القتال.[٣]


موقف نسيبة بنت كعب في غزوة أحد

رَوَت أمّ سعيد بنت سعد بن ربيع قالت: "دخلت عليها فقلت: حدثيني خبرك يوم أحد، قالت: خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلمَّا انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح قالت: فرأيت على عاتقها جرحًا له غور أجوف، فقلت: يا أم عمارة من أصابك هذا؟ قالت: أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا، فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان".[٤]


نبذة عن نسيبة بنت كعب

هي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن النجار، زوجها زيد بن عاصم، وأبناؤها هم حبيب وعبد الله، شهدت مع زوجها وأبنائها بيعة العقبة، قال محمد بن إسحاق: "وحضر البيعة بالعقبة امرأتان قد بايعتا إحداهما نسيبة بنت كعب بن عمرو وهي أم عمارة، وكانت تشهد الحرب مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، شهدت معه أحدًا هي وزوجها زيد بن عاصم وابناها حبيب بن زيد وعبد الله بن زيد".[٤]


موقف نسيبة بنت كعب في المعارك والغزوات

أصيبت يد الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب في المعركة، وجرحت اثنتي عشر جرحاً، كما صبرت عندما قتل مسيلمة الكذّاب ابنها وقالت: "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته"، فقد أرسل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ابنها إلى مسيلمة الكذاب، فقال له مسيلمة: "أتشهد أن محمدًا رسول الله قال: نعم، وإذا قال: أتشهد أني رسول الله، قال: أنا أصم لا أسمع"، فكرّر ذلك مراراً، فقطّعه عضوًا عضوًا فاستُشهد -رضي الله عنه-،[٤] وكانت -رضي الله عنها- صحابيةً جليلةً، من أسرة عريقة المجد بالإسلام، فقد وهبت حياتها هي وأهل بيتها لله، دفاعاً عن رسوله، وإعلاءً لكلمة الدِّين، يقول صاحب الغزوات: "وعاشت بعد ذلك ويدها شلاء لا تمسح بها على مريض إلا شفاه الله"، وكان أبو بكر في زمن خلافته يسأل عنها، وكان يزورها عندما رجعت -رضي الله عنها- إلى المدينة.[٣]


وفاة نسيبة بنت كعب

توفيت أم عمارة -رضي الله عنها- في زمن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في السّنة الثالثة عشرة للهجرة.[٤]


المراجع

  1. محمد علي الخلاقي (21/11/2020)، "مواقف مشرفة في الدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/5/2021. بتصرّف.
  2. فريق موقع اسلام ويب (16/3/2004)، "مشاركة النساء في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/5/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فريق موقع اسلام ويب (28/12/2002)، "المجاهدة الصابرة: نسيبة بنت كعب المازنية"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/5/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث د. لراغب السرجاني (1/5/2006)، "أم عمارة نسيبة بنت كعب"، قصة الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 4/5/2021. بتصرّف.