حليمة السعدية

هي مُرضعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر السعديّ البكريّ من قبيلة هوازن، وزوجها هو الحارث بن عبد العزى السعديّ، وكانوا يسكنون في بادية الحديبية، جاءت إلى مكة مع المرضعات اللاتي كنَّ يأتين ليأخذن الأطفال الرضع إلى البادية، ليقمن بإرضاعهم ورعايتهم مقابل أجرةٍ يأخذنها على ذلك العمل، وقد كان ذلك سائداً عند العرب من أجل أن ينشأ الطفل على الفصاحة والبلاغة وصفاء الذهن والذكاء وقوة الجسم في هدوء البادية وحكمة أهلها، وقد كانت المرضعات يفضلن أخذ الرضيع الذي يكون والده على قيد الحياة طمعاً في زيادة الأجرة، ولكنَّ حليمة لم تجد إلا محمداً -صلى الله عليه وسلم- ذلك الرضيع اليتيم الذي مات أبوه قبل أن يولد، فأخذته وأرضعته ورأت من بركته الشيء الكثير، فنشأ النبي -صلى الله عليه وسلم- وترعرع عند حليمة في بادية بني سعد حتى بلغ من العمر أربع سنوات.[١]


بركة النبي محمد على حليمة

لمَّا أخذت حليمةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنزل الله -تعالى- البركة عليها، فقد أصبحت أتانها التي كانت تركب عليها أسرع أتان في ركب المرضعات، بعد أن كانت أبطأها وأضعفها، وصار ثدي حليمة معطاءً بمجرد وضعها للنبي -صلى الله عليه وسلم- في حضنها، فأرضعته وأرضعت ابنها الصغير معها الذي لم تكن تستطيع إشباعه، ولم يكن يدعها تنام من بكائه المستمر بسب جوعه وقلّة لبنها، فنامت حليمة في ذلك اليوم ونام الأطفال بعد أن شبعوا قريري الأعين، ومن بركته -صلى الله عليه وسلم- على حليمة وأهل بيتها، أنَّ أغنامهم كانت هزيلة ضعيفة لا تحلب، لكنَّها صارت تدرُّ الحليب بمجرد دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، فشربوا جميعاً وشبعوا، بعد أن كانوا يعانون من الفقر والجوع لمدة طويلة، وبقيت أغنام حليمة على ذلك الحال المبارك تحلب الكثير كل يوم، على الرغم من الجدب الموجود في أرض بني سعد آنذاك، وفاض الخير على حليمة وأهل بيتها طيلة وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم.[٢]


هل أسلمت حليمة السعدية؟

اختلف العلماء في إسلام حليمة السعديّة، كما ذكر الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد: "واختلف في إسلام أبويه من الرضاعة"،[٣] أي أبوي النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة والمقصود بهما حليمة السعدية وزوجها الحارث بن عبد العزى، ولكن الصحيح والراجح من أقوال العلماء هو أنَّهما أسلما،[٤] وهذا هو رأي كثيرين، فقد ذكر الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني حليمة السعدية مع الصحابيات في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة،[٥] وجعل لها مسنداً في كتابه إتحاف المهرة،[٦] وذكرها الإمام ابن عبد البرّ أيضاً في كتابه الاستيعاب في معرفة الأصحاب، وقال عنها: "روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، روى عنها عبد الله بن جعفر"،[٧] كما صرّح بإسلامها غيرهم من العلماء كابن الجوزي.[٨]


المراجع

  1. الزركلي، الأعلام، صفحة 271. بتصرّف.
  2. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 88. بتصرّف.
  3. ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 81. بتصرّف.
  4. رقم الفتوى: 237778 (23/1/2014)، "اختلاف العلماء في إسلام حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 27/7/2021. بتصرّف.
  5. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 87. بتصرّف.
  6. ابن حجر العسقلاني، إتحاف المهرة، صفحة 918. بتصرّف.
  7. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1813. بتصرّف.
  8. رقم السؤال132501 (17/5/2009)، "هل كان لحليمة السعدية خصوصية معينة؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/7/2021. بتصرّف.