خزيمة بن ثابت
هو خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكة بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري الأوسي الخطمي المدني أبو عمارة، من سكان المدينة، فهو من الأشراف في الأوس قبل الإسلام وبعده، ومن الشجعان المقدمين، كان يحمل راية الأوس من بني خطمة في يوم فتح مكة، شهد واقعتي الجمل وصفين، فقد عاش إلى زمن خلافة علي بن أبي طالب، ولم يقرر القتال إلى أن قُتل عمار بن ياسر، فكان ممن سمعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (تَقْتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ الباغِيَةُ)،[١] فسلّ سيفه -رضي الله عنه- وقاتل إلى أن قُتل في السنة السابعة والثلاثين للهجرة.[٢]
لماذا لقب خزيمة بن ثابت بذي الشهادتين؟
لُقّب خزيمة بذي الشهادتين بسبب شهادته مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فجعَل رسول الله شهادته بشهادة رجلين، فعن عمارة بن خزيمة أخبره عمّه،[٣] قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ ابتاعَ فرسًا من أعرابيٍّ فاستَتبعهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ ليقضيَهُ ثمنَ فرسِهِ فأسرعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ المشيَ وأبطأَ الأعرابيُّ فطفِقَ رجالٌ يعترضونَ الأعرابيَّ فيساومونهُ بالفرسِ ولا يشعرونَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ ابتاعهُ فنادى الأعرابيُّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ فقالَ إن كنتَ مبتاعًا هذِهِ الفرسِ وإلَّا بعتُهُ فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ حينَ سمعَ نداءَ الأعرابيِّ فقالَ أو ليسَ قدِ ابتعتُهُ منكَ قالَ الأعرابيُّ لا واللَّهِ ما بعتُكَهُ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ بلى قدِ ابتعتُهُ منك فطفِقَ الأعرابيُّ يقولُ هلمَّ شهيدًا فقالَ خزيمةُ بنُ ثابتٍ أنا أشهدُ أنَّكَ قد بايعتَهُ فأقبلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ على خزيمةَ فقالَ بِمَ تشهدُ فقالَ بتصديقِكَ يا رسولَ اللَّهِ فجعلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ شهادةَ خزيمةَ بشهادةِ رجلينِ).[٤]
شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين
جُعلت شهادته -رضي الله عنه- بشهادة رجلين لأنَّ شهادته بُنيت على التّصديق العام للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وهذا من أصول الإيمان به، فاعتُبرت شهادته هذه تصديقاً خاصاً مدرجًا تحت التصديق العام، فلا يقال بأنَّ تكريمه بهذا اللقب كان بشهادته لشيء لم يحدث، فهذا القول قول ليس صحيحاً، يقول ابن القيم: "جعل النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْنِ، لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ شَهَادَتَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصِّدْقِ الْعَامِّ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ اللَّهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَانْفَرَدَ خُزَيْمَةُ بِشَهَادَتِهِ لَهُ بِعَقْدِ التَّبَايُعِ مَعَ الْأَعْرَابِيِّ، دُونَ الْحَاضِرِينَ، لِدُخُولِ هَذَا الْخَبَرِ فِي جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَصْدِيقُهُ فِيهَا، وَتَصْدِيقُهُ فِيهَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ، وَهِيَ الشَّهَادَةُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِهَذِهِ الدَّعْوَى، وَقَدْ قَبِلَهَا مِنْهُ وَحْدَهُ"، وقال أيضاً: "شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ قَدْ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَهَذَا لِمُخَصِّصٍ اقْتَضَاهُ، وَهُوَ مُبَادَرَتُهُ دُونَ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى الشَّهَادَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَبِلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ شَهَادَتَهُ وَحْدَهُ ، وَهِيَ خَاصَّةٌ لَهُ".[٣]
افتخار الأوس بشهادة خزيمة بن ثابت
أخرج الحاكم في كتابه المستدرك بالسند صحيح أنَّ الأوس كانوا يفتخرون بخزيمة وشهادته، وأورد حديث أنس -رضي الله عنه-،[٥] حيث قال: (افتَخرَ الحيَّانِ منَ الأنصارِ الأَوسُ والخَزرجُ ، فَقالتِ الأوسُ: منَّا غَسيلُ الملائِكَةِ حنظلةُ الرَّاهبِ ، ومنَّا منِ اهتزَّ لَهُ عرشُ الرَّحمنِ سعدُ بنُ معاذٍ ، ومنَّا مَن حمتهُ الدَّبَرُ عاصمُ بنُ ثابتِ ومنَّا من أُجيزَتْ له شَهادتُهُ بشَهادةِ رجُلَيْنِ خُزَيْمةُ بنُ ثابتٍ).[٦]
ثقة الصحابة بشهادة خزيمة بن ثابت
عندما نسخ زيد بن ثابت المصاحف رجع إلى خزيمة لكتابة الآية التي لم يجدها، فعنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،[٣] قَالَ: (نَسَخْتُ الصُّحُفَ في المَصَاحِفِ، فَفقَدْتُ آيَةً مِن سُورَةِ الأحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ بهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إلَّا مع خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ الأنْصَارِيِّ الذي جَعَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، وهو قَوْلُهُ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ما عَاهَدُوا اللَّهَ عليه} [الأحزاب: 23]).[٧]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2916، حديث صحيح.
- ↑ د. راغب السرجاني (8/12/2020)، "خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين"، قصة الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت فريق موقع الاسلام سؤال وجواب (29/10/2018)، "شهادة خزيمة بن ثابت رضي الله عنه بشهادة رجلين"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عمارة بن ثابت الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1527، حديث صحيح.
- ↑ د. حسام الدين السامرائي (26/3/2014)، "خزيمة .. رجل من طراز فريد"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه العراقي، في محجة القرب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:253، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:2807، حديث صحيح.