رواية الصحابة للحديث
لقد كان زمن الصحابة هو أول زمن تنطلق منه رواية الحديث النبوي، وتُحفظُ فيه سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد روت لنا كتب السنة الكبرى فيما صح من رواياتها؛ شدّة حرص الصحابة على الاعتناء بالسنة النبوية، وكثرة اهتمامهم بسماعها وحفظها وفهمها والعمل بها، فهي الوحي الثاني بعد القرآن الكريم، وفيها بيانٌ وشرحٌ وتفصيلٌ لمجمل أحكامه، قال -تعالى-: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}،[١] فالحكمة هي السنة النبوية، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتابَ ومِثْلَهُ معه)،[٢] فالسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلاميّ، ولذلك كان حضُّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- على حفظها ونشرها، قال -عليه الصلاة والسلام-: (نضَّرَ اللهُ امراءًا سمِعَ منَّا حديثًا، فحفِظَه حتى يُبَلِّغَهُ غيرَه)،[٣] فكان الصحابة خير حافظ وخير ناقل لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرووا لنا كل شيء عنه، من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية.[٤]
ترتيب الصحابة في رواية الحديث
روى عددٌ كبيرٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- الحديثَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم تقتصر الرواية على أشخاص بعينهم، بل روى جمعٌ غفيرٌ من الصحابة الحديث، وتفاوتت أعداد الأحاديث التي رواها كل راوٍ من الصحابة، فمنهم من روى آلاف الأحاديث، ومنهم من روى المئات، ومنهم من روى العشرات، ومنهم من روى حديثين أو حديثاً واحداً فقط، وقد سُمي الذين رووا أكبر عدد من الأحاديث النبويّة؛ بالمكثرين في رواية الحديث، وقد حصرهم العلماء في سبعة أشخاص من الصحابة، هم الذين رووا أكبر عدد من الأحاديث النبويّة، وهم على الترتيب: أبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري -رضي الله عنهم جميعاً-.[٥]
المكثرون من الصحابة في الرواية
اعتمد العلماء في تحديد أحاديث كل صحابيّ من المكثرين على ما ورد في مسند بقيِّ بن مخلد، لأنَّه أكبر المراجع وأجمعها، ولا يوجد أحد من الصحابة روى أكثر من ألف حديث غير هؤلاء السبعة، وعدد الأحاديث التي رووها يشمل الأحاديث المكررة، لأنَّ العلماء يعتبرون كل طريق من طرق السند حديثاً منفصلاً، وفيما يأتي نذكر ترتيب المكثرين في رواية الحديث من الصحابة، على النحو التالي:[٦]
أبو هريرة
هو الصحابي عبد الرحمن بن صخر الدوسي -رضي الله عنه- توفي في السنة التاسعة والخمسين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (5374) خمسة آلاف وثلاثَمائة وأربعةً وسبعينَ حديثاً.
عبد الله بن عمر
هو الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- توفي في السنة الثالثة والسبعين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (2630) ألفَيْ حديث وستمائة وثلاثينَ حديثًا.
أنس بن مالك
هو الصحابي أنس بن مالك الأنصاريّ -رضي الله عنه- توفي في السنة الثالثة والتسعين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (2286) ألفين ومائتين وستة وثمانين حديثًا.
عائشة أم المؤمنين
هي زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- توفيت في السنة الثامنة والخمسين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي روتها (2210) ألفان ومائتان وعشرة أحاديث.
عبد الله بن عباس
هو الصحابي عبد الله بن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنهما- توفي في السنة الثامنة والستين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (1660) ألف وستمائة وستون حديثًا.
جابر بن عبد الله
هو الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاريّ -رضي الله عنهما- توفي في السنة الثامنة والسبعين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (1540) ألف وخمسمائة وأربعون حديثًا.
أبو سعيد الخدري
هو الصحابي سعد بن مالك بن سنان الأنصاريّ -رضي الله عنه- توفي في السنة الرابعة والسبعين للهجرة، ويبلغ عدد الأحاديث التي رواها (1170) ألفٌ ومائةٌ وسبعون حديثًا.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:151
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم:2643، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:6763، حديث صحيح.
- ↑ لقمان عبد السلام، "أصول رواية الحديث في عصر الصحابة رضوان الله عليهم"، إسلام أو لاين، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
- ↑ رقم الفتوى: 174903 (5/3/2012)، "هل الصحابة رواة الحديث كانوا سبعة فقط"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
- ↑ د. أيمن مهدي (8/3/2017)، "المكثرون من الرواية من الصحابة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.