فضل الصحابة الأوائل

إنَّ الصحابة بالعموم هم أفضل الناس بعد الأنبياء، وقد نالوا هذه الأفضلية بعلمهم، وعملهم، وتصديقهم، وصحبتهم للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وجهادهم في سبيل الله، ودعوتهم إلى الدين الحق، وسبقهم إلى كل خير، فبلغوا منازل لم يبلغها غيرهم، ومنهم من اصطفاه الله تعالى للسبق في دخول الإسلام، وصحبة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فاستحقوا ثناء ربّهم عليهم بسرعة تلقيهم، وحسن إيمانهم، وصلاح عملهم، فأخبر الله تعالى برضاه عنهم، ووعدهم بجنات النعيم، فقد اجتمعت فيهم تزكية الله تعالى لهم، وثناؤه عليهم، وذكره لفضلهم على غيرهم، ومحبة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لهم،[١] قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.[٢] 


ترتيب دخول الصحابة في الإسلام

يذكر علماء السيرة بأنَّ أول من أسلم من الرجال هو أبو بكر الصديق، وأول من أسلم من النساء هي أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-، وأول من أسلم من الموالي هو زيد بن حارثة -رضي الله عنه-، وأول من أسلم من الصبيان هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-،[٣] أمّا الترتيب الدقيق لدخولهم في الإسلام فعلى النّحو التالي:


أم المؤمنين خديجة

هي أوّل من أسلم من النساء -رضي الله عنها-، وقد ورد في صحيح السيرة النبوية: "إن خديجة أول من أسلم من النساء، وظاهر السياقات وقبل الرجال أيضاً"،[٤] اسمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ القرشية الأسدية، وهي الزوجة الأولى للنبي -صَلَّى الله عليه وسلّم-، وأول من صدقته على الإطلاق، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يثني عليها ما لم يثنه على غيرها، وذكر الواقدي وفاتها قائلاً: "توفيت لعشر خلون من رمضان، وهي بنت خمس وستين سنة"، وكان ذلك بعد أن خرج بنو هاشم من الشعب، ودفنت -رضي الله عنها- بالحجُون، وقد نزل رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلّم- في حفرتها، ولم تكن قد شُرعت في حينها الصلاة على الجنائز.[٥]


أبو بكر الصّديق

كان أوّل من أسلم من الرجال، وأوّل من صدّق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان صاحب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-،[٦] اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب، يجتمع نسبه مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مرة بن كعب، يُكنى بأبي بكر، ولد بعد عام الفيل بسنتين ونصف، كان من التجّار وأصحاب الأموال، وقد أنفق أمواله في سبيل الله، ونفع بها الإسلام، لقّبه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالصِّدّيق، فعن أنس بن مالك: (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بهِمْ، فَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ)،[٧]أسلم على يديه عدد من كبار الصحابة، ولمعرفة الصحابة لفضله، وقربه من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقد بايعوه كأوّل خليفة لهم بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، استمرت خلافته لمدة سنتين وثلاثة أشهر، ثم توفي -رضي الله عنه- في السنة الثالثة عشرة للهجرة.[٨]


زيد بن حارثة

هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، كان يبلغ الثلاثين عاماً أو يزيد قليلاً عندما نزل الوحي على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان من أوائل المسلمين، نقل معمر عن الزهري قوله: "ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة"، وكأنَّه يقصد أنَّه أوّل من أسلم من الموالي، أو أنَّه أسلم بعد أبي بكر الصديق مباشرةً،[٩] فقد كان زيد مملوكًا لخديجة -رضي الله عنها- وعندما رأت محبة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- له وهبته إياه، فقيل أنَّها كانت السبب في سبقه للدخول في الإسلام،[٥] لُقّب بحِبّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لشدة حبّ الرسول له، وهو الصحابي الوحيد الذي ذُكر اسمه في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}،[١٠] استشهد -رضي الله عنه- في معركة مؤتة، في السنة الثامنة للهجرة، وقد كان الأمير الأول في المعركة.[٩]


علي بن أبي طالب

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهو ابن عم النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وزوج فاطمة -رضي الله عنها- ابنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو أول من دخل الإسلام من الصبيان، وقد أوكل له رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مهمة تسليم الأمانات في ليلة الهجرة، فنام -رضي الله عنه- في فراش النبي -صلّى الله عليه وسلّم، روى -رضي الله عنه-،[١١] قائلاً: (أنا أوَّلُ مَن يَجْثُو بيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَومَ القِيامَةِ)،[١٢] وقد كان صاحب علم غزير، وشجاعة، وورع، وزهد، بشّره رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر من مرة بأنَّه سيكون من الشهداء، يقول عنه الإمام أحمد: "ما جاء لأحدٍ من فضائل ما جاء لعليّ".[١٣]


من الصحابة الأوائل

  • جاء في السيرة لابن كثيرأن محمد بن إسحاق قال: "فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله عز وجل وكان أبو بكر رجلا مألفًا لقومه محبًا سهلًا وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم على يديه فيمن بلغني: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، ـرضي الله عنهم- فانطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم أبو بكر فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الإسلام فآمنوا وكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا في الإسلام فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله".[٣]
  • ذكر ابن ابي شيبة أنَّ مجاهداً قال: "أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسمية أم عمار".[٣]
  • ذكر علماء السيرة بأنَّ مجموعة من أخيار الصحابة قد دخلوا الإسلام على يد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، ومنهم:[٣]
  • عثمان بن عفان.
  • الزبير بن العوام.
  • طلحة.
  • سعد وأبو عبيدة.
  • عثمان بن مظعون.
  • عبد الرحمن بن عوف.
  • أبو سلمة.
  • الأرقم بن أبي الأرقم.


المراجع

  1. فريق موقع اسلام ويب (18/11/2018)، "الصحابة مكانتهم و فضلهم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/5/2021. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية:100
  3. ^ أ ب ت ث فريق موقع اسلام ويب (10/5/2012)، "أوائل من آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/5/2021. بتصرّف.
  4. بكر البعداني (7/9/2019)، "أوائل من الحديث والسيرة (1)"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب فريق موقع صحابة رسول الله ، "خديجة بنت خويلد"، صحابة رسول الله ، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  6. أبو الهيثم محمد درويش (7/9/2020)، "الصديق أول من أسلم من الرجال "، طريق الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3675، حديث صحيح.
  8. عبدالملك القاسم، "فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  9. ^ أ ب د. راغب السرجاني (29/7/2008)، "زيد بن حارثة"، طريق الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  10. سورة الأحزاب، آية:37
  11. د. راغب السرجاني (10/6/2010)، "علي بن أبي طالب"، قصة الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن عباد أو عبادة، الصفحة أو الرقم:4744، حديث صحيح.
  13. محمد أبو عجيلة أحمد عبد الله (1/5/2009)، "الخليفة الراشد علي بن أبي طالب"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2021. بتصرّف.