أين دُفن الصحابي زيد بن حارثة؟

استشهد الصحابي الجليل زيد بن حارثة -رضي الله عنه- في مؤتة على أرض الأردن، ودفن فيها، ويقع ضريحه في قرية المزار الجنوبي في محافظة الكرك،[١][٢] حيث استشهد في غزوة مؤتة، وكان القائد الأول فيها، وذلك في شهر جمادى الأولى من العام الثامن للهجرة، وكان يبلغ من العمر خمسة وخمسين عاماً.[٣]


استشهاد زيد بن حارثة

قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتجهيز جيش المسلمين لغزوة مؤتة، الذي بلغ عددهم ثلاثة آلاف مقاتل، وأمّر عليهم ثلاثة من القادة؛ أولهم زيد بن حارثة، فإن استشهد فجعفر بن أبي طالب، فإن استشهد فعبد الله بن رواحة، حيث جاء في صحيح البخاري ما رواه ابن عمر -رضي الله عنه-: (أَمَّرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ)،[٤]فعقد النبي -صلى الله عليه وسلم- الراية لزيد بن حارثة وقدّمه على القادة، ورافقه إلى أبواب المدينة وأوصى القادة الثلاثة، وودع المسلمون الجيش.[٥]


وتوجّه الجيش لقتال الروم، فلما وصلوا إلى أرض معان في الأردن فوجئوا بعدد جيش الروم الهائل الذي بلغ مئتي ألف مقاتل، فأقام المسلمون في معان يومين يتشاوَرُون في التصدِّي لهذا الحشد الضخم، فقرر القادة الثلاثة أن يواجهوا الكفار مهما كانت النتيجة، وتواجه الجيشان، وانطلق زيد بن الحارثة -رضي الله عنه- حاملاً راية الإسلام يقاتل بكل شجاعة وبسالة، مستبسلاً استبسال الأبطال، متوغلاً في صفوف الأعداء، وتكالبت عليه رماح الأعداء، حتى قُتل طعناً وسقط شهيداً -رضي الله عنه- وأرضاه-.[٥][٦]


وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصف حال المجاهدين في المعركة فقال: (ألا أخبرُكُم عن جَيشِكُم هذا الغازي أنَّهم انطلَقوا حتَّى لقوا العدوَّ ، فأصيبَ زيدٌ شَهيدًا ، فاستغفِروا لَهُ . فاستغفَرَ لَهُ النَّاسُ ، ثمَّ أخذَ اللِّواءَ جعفرُ بنُ أبي طالبٍ فشدَّ على القومِ حتَّى قُتِلَ شَهيدًا ، أشهدُ لَهُ بالشَّهادةِ ، فاستغفِروا لَهُ ، ثمَّ أخذَ اللِّواءَ عبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ فأثبتَ قدميهِ حتَّى أُصيبَ شَهيدًا ، فاستغفِروا لَهُ ، ثمَّ أخذَ اللِّواءَ خالدُ بنُ الوليدِ).[٧]


حزن النبي على استشهاد زيد بن حارثة

حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- حزناً عظيماً على استشهاد زيد بن حارثة -رضي الله عنه-؛ وبكى بكاء شديداً؛ حتى قيل له: ما هذا يا رسول الله"، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "شوق الحبيب إلى الحبيب"؛ فقد كانت له عند النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانة خاصة، حيث كان يُدعى زيد بن محمد قبل أن يتم تحريم التبني في الإسلام، كما كان يعيش معه ويقوم على خدمته، وكان يلقّب بحبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أي حبيبه.[٨]


المراجع

  1. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 546. بتصرّف.
  2. اللجنة الملكية لإعمار مقامات الانبياء والصحابة وإدارتها ، دليل مقامات الأنبياء والصحابة والمواقع الدينية والتاريخية في المملكة الأردنية الهاشمية، صفحة 60-61. بتصرّف.
  3. ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 497. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4261، صحيح.
  5. ^ أ ب "في رحاب غزوة مؤتة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 28/7/2022. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 223. بتصرّف.
  7. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:289، صحيح.
  8. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 229-230. بتصرّف.