مكانة الكتاب والسنة

الكتاب والسنة هما مصدر الدين ومرجعه، ووعاء الشريعة، بما فيهما من أحكام وأخبار، فالكتاب هو القرآن الكريم، والسنة هي الأحاديث النبوية، وكلاهما وحي من الله -تعالى- فالقرآن وحيٌ متلوٌ باللفظ والمعنى، والسنة وحيٌ بالمعنى دون اللفظ، غير متلوٍ، قال -تعالى-: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا}،[١] وقال أيضاً: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}،[٢] وقال -صلَّى الله عليه وسلم-: (ألا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتابَ ومِثْلَهُ معه)،[٣] وقد جاءت السنة شارحةً للقرآن، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانة الكتاب والسنة، وحثَّ على المحافظة عليهما، والتَّمسُّكِ والعمل بهما، وحذَّر من تركهما أو مخالفتهما، فقال: (خَلَّفتُ فِيكمْ شَيئينِ لنْ تَضِلُّوا بعدَهُمَا: كتابَ اللهِ وسُنَّتِي، ولَن يَتَفَرَّقا حتى يَرِدا على الحوضِ).[٤][٥]

عوامل حفظ الصحابة للكتاب والسنة

هناك عوامل متعددة ساهمت في تيسير حفظ الصحابة للكتاب والسنة، منها:[٦]

  • عدم معرفة غالبيتهم للقراءة والكتابة، فقد كان العرب أمةً أمية، لا تقرأ ولا تكتب، باستثناء القليل منهم، مما جعلهم يعتمدون على الحفظ في الصدور، لأنَّه الطريقة الوحيدة لاكتساب العلم والمعرفة بالنسبة إليهم.
  • قوة الحفظ، وصفاء الذهن، والذكاء والنباهة، فقد كان العرب يشتهرون بهذا الأمر، فكانوا يحفظون القصائد الطويلة لمجرد سماعها أول مرة، مما ساعدهم على الحفظ بسهولة.
  • توفر الوقت الكافي لديهم للحفظ، بسبب بساطة الحياة التي كانوا يعيشون فيها وسهولتها، وعدم انشغالهم بالكثير من الأمور أو الأعمال.
  • حبُّ الصحابة لله ورسوله، فقد امتلأت قلوبهم بذلك الحب الصادق، ما جعلهم ينتظرون بكل شوق ما يتنزل من كلام الله -تعالى- وما يخرج من فمِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليسمعوه ويفهموه ويحفظوه، وليرددوه في كل مناسبة، لأنَّه أحب الكلام إليهم.
  • البلاغة والفصاحة والإعجاز الذي تميّزت به نصوص الكتاب والسنة، فقد جاء القرآن الكريم ببلاغة لم يعهد لها العرب مثيلاً، فأبهرهم وأعجزهم عن أن يأتوا بمثله، فهو المعجزة الخالدة، كما جاءت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ببلاغة ملفتة، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- أفصح الناس وأبلغهم، وقد أوتي جوامع الكلم، ما جعل الصحابة في أشد الإعجاب بتلك البلاغة، فأقبلوا على حفظها بقلوبهم قبل عقولهم، فهي خير الكلام وأجوده.
  • الترغيب والتشجيع على حفظِ الكتاب والسنة، وتعلمِ أحكامهما والعمل بهما، من خلال ما جاء في آيات القرآن وفي الأحاديث النبوية من حثٍّ على ذلك.
  • مكانة الكتاب والسنة في الإسلام، فهما المرجع الأساسي للأحكام، فالقرآن هو المصدر الأول للتشريع، والسنة هي المصدر الثاني بعده.
  • الأسلوب القصصي في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وارتباط الكثير منها بأحداث واقعية من حياة الصحابة، ما يثير الانتباه وينشط الذاكرة ويعين على الحفظ.
  • التدرج في نزول آيات الكتاب، وفي أحاديث السنة، فقد نزل القرآن بالتدرج على مدى أكثر من عشرين عاماً، وكان مرتبطاً بالأحداث والوقائع الجارية، وكان مدعماً بالحجج والبراهين الدامغة، وكذلك كانت السنة متدرجة ومتفاعلة مع ما يجري من أمور، وكانت واضحة جامعة للمعاني العظيمة بأبسط العبارات وأسهلها، فكان ذلك مما سهَّل على الصحابة حفظ الكتاب والسنة.

المراجع

  1. سورة الكهف، آية:27
  2. سورة النجم، آية:2-3
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم:2643، حديث صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3232، حديث صحيح.
  5. رقم الفتوى: 38113 (2/10/2003)، "الاستناد إلى الوحيين طريق الصواب"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/5/2021. بتصرّف.
  6. الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 291. بتصرّف.