التعريف بخولة بنت ثعلبة

هي الصحابية الكريمة خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف الخزرجية الأنصارية، وقيل: هي خولة بنت مالك بن ثعلبة، وقيل: بنت ثعلبة بن مالك،[١] وقيل: خولة بنت حكيم، وكانت زوجةً لأوس بن الصامت أخي عبادة بن الصامت، وهي الصحابية التي جادلت زوجها ونزل فيها آيات من سورة المجادلة.[٢]


قصة ظهار خولة ونزول سورة المجادلة

نزل في خولة وزوجها أوس -رضي الله عنهما- صدر سورة المجادلة، وقصة ذلك أنّ أوس دخل على خولة ذات يوم، فراجعته بشيءٍ فغضب منها كثيراً، وكان شيخاً كبيراً في السنّ، فقال لخولة: "أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي"، ثمّ خرج وعاد إليها يُريد مناكحتها، ولكنّ خولة أبعدته عن نفسها وقالت له: "كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ، لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ".[٣]


ثمّ خرجت خولة -رضي الله عنها- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فشكت له وذكرت له ما حدث بينها وبين زوجها أوس، فكان النبي الكريم يوصيها أن تتّقي الله في زوجها لأنّه شيخٌ كبير، ولكنّها ظلّت تشكو للنبي الكريم حتى تغشّاه الوحي ونزل فيها آيات من القرآن الكريم من سورة المجادلة، ولمّا ذهب عن النبي ما كان يجد تلا عليها ما نزل من القرآن.[٣]


قال -تعالى-: (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)،[٤] ثمّ أرشدها النبي الكريم أن تأمر زوجها بإعتاق رقبة، ولكنّها ذكرت للنبيّ أنه لا يستطيع، فليس عنده ما يعتقه، ثمّ أرشدها أن تأمره بصيام شهرين متتابعين، فردّت بأنه كبيرٌ لا يقوى على الصيام، فأمر النبي الكريم بإطعام ستين مسكيناً، ولكنّها أخبرت النبي الكريم بأنّ زوجها فقير جداً، فأعانه النبي بإخراج صدقةٍ من تمر، وفعلت هي كذلك، ثمّ أوصاها أن تستوصي بزوجها خيراً.[٣]


وفي هذه الحادثة قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "تبارك الله الذي وسع سمعه كل شيء! وفي رواية: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات! لقد جاءت المجادلة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلمه وتجادله وأنا في ناحية البيت ما بيني وبينها إلا ستار، والله ما سمعت شيئاً من كلامها".[٥]


موقف عمر مع خولة بنت ثعلبة

ذات يوم خرج عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من المسجد ومعه الجارود العبدي، فلقيته خولة -رضي الله عنها-، فسلّم عمر عليها، فردّت السلام وأخذت تنصحه وتعظه وتقول له: "هيهات يَا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا فِي سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حَتَّى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حَتَّى سميت أمير المؤمنين".[٦]


ثم قالت له: "فاتق اللَّه فِي الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عَلَيْهِ البعيد، ومن خاف الموت خشي عَلَيْهِ الفوت"، فعجب الجارود من حديثها، وقال لها أن تتوقّف لأنّها أكثرت من الكلام، فما كان من عمر -رضي الله عنه- إلا أن قال لصاحبه: "دعها، أما تعرفها! فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بْن الصامت التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، فعمر والله أحق أن يسمع لَهَا".[٦]

المراجع

  1. ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، صفحة 414، جزء 12. بتصرّف.
  2. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1830، جزء 4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أحمد بن حنبل، مسند أحمد، صفحة 300-302، جزء 45. بتصرّف.
  4. سورة المجادلة، آية:1
  5. خالد الراشد، دروس الشيخ خالد الراشد، صفحة 18، جزء 16.
  6. ^ أ ب ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1831، جزء 4. بتصرّف.