قصة زواج جليبيب رضي الله عنه
كان جليبيب -رضي الله عنه- من فقراء الصحابة، ولم يكن صاحب جمالٍ ولا حسب، ولكنّه كان غنيَّاً بالإيمان، وقد شرّفه الله -سبحانه- بدخول الإسلام، وقد كان كثير الجلوس مع النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وكان الحبيب المصطفى يحبّه ويهتمّ لأمره.[١]
وذات يومٍ عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- على جليبيب -رضي الله عنه- التزويج، فقال له جليبيب: "إذن تجدني كاسدًا يا رسول الله"، فقال له النبي الكريم جابراً خاطره: (لكنَّك عندَ اللهِ لَسْتَ بكاسدٍ)، أو قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (بل أنتَ عندَ اللهِ غَالٍ).[٢]
ثمّ ذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رجلٍ من الأنصار، وطلب منه أن يزوّج ابنته، فأجابه: "نعم ونعمة عين"، فأخبره أنّه لا يطلبها لنفسه، بل يطلبها لجليبيب -رضي الله عنه-، فأخبر النبيّ أن ينتظر حتى يستأذن ابنته، فلمّا ذهب واستأمرها -أي استأذنها- رفضت ذلك ولم ترضَ به.[٣]
ولمّا قام أبوها ليُخبر النبيّ الكريم استوقفته ابنته، وسألت والديْها: "من خطبني إليكما"؟ فقالا لها أنّ النبيّ الكريم هو مَن جاء يطلبها لجليبيب، فقالت لهما: "أفتردان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره؟ ادفعاني إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لن يضيّعني"، فأخبر والدها النبيَّ بموافقة ابنته، فأمر رسول الله بتزويجهما، ودعا لهما فقال: (اللَّهمَّ صُبَّ الخيرَ عليهما صبًّا، ولا تجعَلْ عيشَهما كدًّا).[٤][٣]
قصة استشهاد جليبيب وسؤال النبي عنه
خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوةٍ مع أصحابه -رضوان الله عليه-، وكان جليبيب -رضي الله عنه- معهم، فلمّا انتهت الغزوة وأفاء الله -تعالى- على رسوله الكريم بالغنائم أخذ النبيّ يسأل أصحابه: (هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ)؟[٥] فعدّد الصحابة بعض الأسماء، ثمّ أعاد عليهم الكرّة، فعدّدوا أسماءً أخرى، ثمّ أعاد عليهم السؤال، فقالوا: "لا"، أي لا يفقدون أحداً غير ما ذكروا له.[٦]
وهنا قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: (لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا؛ فَاطْلُبُوهُ)،[٥] فذهب الصحابة الكِرام يبحثون عنه، فوجدوه مستشهداً بجانب سبعةٍ من المشركين قد قتلهم، فلمّا جاء النبي الكريم قال: (قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ، هذا مِنِّي وأنا منه، هذا مِنِّي وأنا منه، قالَ: فَوَضَعَه علَى ساعِدَيْهِ ليسَ له إلَّا سَاعِدَا النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)،[٥] ثمّ حفروا له قبراً ووضعوه فيه دون أن يغسّلوه لأنّه شهيد.[٧]
نبذة عن جليبيب رضي الله عنه
الصحابي الكريم جليبيب -رضي الله عنه- لا يُعرف نسبه مثله مثل بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، ولكن نقل ابن الجوزي قولاً لابن سعد يذكر أنّ جليبيب -رضي الله عنه- من بني ثعلبة، وهو حليفٌ للأنصار، أمّا ما يُذكر عنه في كتب أهل العلم والسِّير فهي القصّتان التي تمّ بيانهما سابقاً، لأنّهما اشتهرتا عنه،[٨] ومن أبرز فضائله شجاعته في القتال وقول النبي الكريم فيه: (هذا مِنِّي وأنا منه، هذا مِنِّي وأنا منه).[٥]
المراجع
- ↑ "قصص وعبر قصة الصحابي جليبيب"، الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5790، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب محمد الهرري، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 7، جزء 24. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:4035، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب ت ث رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2472، صحيح.
- ↑ أحمد الساعاتي، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، صفحة 217، جزء 22. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز الراجحي، توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم، صفحة 149، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ "جليبيب"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2023. بتصرّف.