ترتيب أفضل الصحابة

المفاضلة بين الصحابة

دلّت الكثير من النصوص في الكتاب والسنة على مشروعية التفاضل بين الصحابة -رضي الله عنهم- قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}،^[١] فقد ذكرت الآية أنَّ هناك تفضيلاً لطائفة من الصحابة على طائفة أخرى، فالذين أنفقوا وقاتلوا من قبل الفتح فضّلهم الله تعالى على الطائفة الذين أنفقوا وقاتلوا من بعد الفتح، ولكنَّه أثبت الفضل لجميع الصحابة ونبّه أنَّ تفضيل البعض على البعض ليس انتقاصاً من المفضول فأكّد على ذلك بقوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}،^[٢] أمّا من السّنة فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مخاطبًا بعض الصحابة ومدافعاً عن بعضهم:^[٣](لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ)،^[٤] فتفضيل بعض الصحابة على بعض قد ورد عقلاً وثبت شرعاً، وذلك ليس إلا بمراد الله ومشيئته،^[٥] قال تعالى: {َورَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.^[٦]

أفضل الصحابة بالعموم

إنَّ أوجه التفاضل ما بين الصحابة -رضي الله عنهم- بالعموم جاءت من تقديم كلّ صحابي منهم من الطّاعات، والأعمال الصّالحة، فتفاضلوا بناءً على منزلتها عند الله تعالى، ومن الأمثلة على أوجه التفاضل بين الصحابة:^[٣]

تفضيل من سبق في دخول الإسلام

إن الذي سبق إلى الإسلام أفضل من الذي لم يسبق،^[٣] قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}.^[٧]

تفضيل من أنفق وقاتل قبل صلح الحديبية

قد سَمَّاه الله بالفتح، فهؤلاء أفضلُ مِن الذين أنفقوا وقاتلوا من بعد الفتح،^[٨] قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.^[٩]  

تفضيل المهاجرين بالجملة على الأنصار

أثْنَى الله تعالى عليهم جميعاً، لكنَّه قدَّم المهاجرين في الذِّكْر وهذا يدلُّ على التفضْيل في المنْزِلة، وذلك لاختصاصهم بالمعاناة وترك الأوطان في سبيل الله،^[٨]قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.^[١٠]

تفضيل من شهدوا بدراً على غيرهم

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن أهل بدر:^[٣](لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إلى أهْلِ بَدْرٍ؟ فقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أوْ: فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)،^[١١] قال ابن تيمية رحمه الله: "وهذا والله أعلم لأنَّ الله سبحانه وتعالى عَلِم أنَّهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وما قد يقارفونه أي: يرتكبونه من الذنوب كما يكون من غيرهم، فإنَّه سبحانه يوفِّقهم للتوبة النصوح، والاستغفار الصادق، والحسنات الماحِيَات التي يَغفر الله لهم بموجبها".^[٨]

تفضيل أهل أحد وأهل الأحزاب وغيرهم

لما لاقوا من البلاء، والصبر، والجهاد، وشهود مالم يشهده غيرهم من بعدهم.^[٨]

تفضيل أهل بيعة الرضوان على غيرهم

عددهم أكثر من ألفٍ وأربعمائة صحابي من المهاجرين والأنصار، فقد أحلّ الله رضوانه عليهم، ووعدهم بأن لا يدخلوا النار، وكان ذلك الوعد صريحاً في قوله تعالى،^[٨]: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.^[١٢] 

أفضل الصحابة بالخصوص

تفضيل العشرة المبشرين بالجنة

فإنَّ أفضل الصحابة بالخصوص في مذهب أهل السنة هم الخلفاء الأربعة، ثمَّ باقي العشرة المبشرين بالجنة،^[٣] فإنَّ من أعظم ما فضّلوا به على غيرهم هو شهادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لهم بالجنّة، وهم:

• أبو بكر.
• ثم عمر.
• ثم عثمان.
• ثم علي.
• ثم طلحة بن عبيد الله.
• ثم الزبير بن العوَّام.
• ثم سعد بن أبي وقَّاص.
• ثم سعيد بن زيد.
• ثم عبد الرحمن بن عوف.
• ثم أبو عبيدة عامر بن الجرَّاح.

يقول الإمام أحمد: "أفضل الصحابة أهل بيعة الرضوان وخيرهم وأفضلهم أهل بدر، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وأعيانهم الأربعون أهل الدار، وخيرهم عشرة شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة وهو عنهم راض، وأعيانهم أهل الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للمسلمين، وأفضلهم الخلفاء الأربعة".^[٣]

تفضيل نساء النبي

إنَّ أفضل الصحابيات هنَّ أمّهات المؤمنين -رضي الله عنهنّ-، وابنته فاطمة -رضي الله عنها-،^[٣]

تفضيل بعض أعيان الصحابة من غير العشرة

هم صحابة قد شَهِد لهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالجنة، ومنهم:^[٨]

• الحسن والحسين.
• ثابت بن قيس بن شَمَّاس.
• عبد الله بن سلام.
• عكَّاشة بن مِحْصَن.

فإنَّ شهادة رسول الله لهم هي فضيلة لهم عن غيرهم.

شهادات على تفاضل الصحابة

ورد العديد من الأدلة الشرعية التي تبين منازل ومراتب الصحابة وأفضلية بعضهم على بعض، وشهد بذلك بعض الصحابة وأهل العلم،^[٥] ومنها:

• شهادة ابن عمر -رضي الله عنهما- بتفضيل أبي بكر الصديق على سائر الصحابة، وبعده والده عمر بن الخطاب، وبعده عثمان بن عفان،^[٥] فقال: (كُنَّا في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَعْدِلُ بأَبِي بَكْرٍ أحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أصْحابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا نُفاضِلُ بيْنَهُمْ).^[١٣]
• شهادة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، يروي محمد بن الحنفية -ابن علي بن أبي طالب- يقول:(قُلتُ لأبِي: أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قَالَ: أبو بَكْرٍ، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وخَشِيتُ أنْ يَقُولَ: عُثْمَانُ، قُلتُ: ثُمَّ أنْتَ؟ قَالَ: ما أنَا إلَّا رَجُلٌ مِنَ 
• المُسْلِمين)،^[١٤] كما روي أنَّ عليّاً -رضي الله عنه- قال: " لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري".^[٥]
• يقول ابن تيمية رحمه الله عن علي -رضي الله عنه-: "وقد تواتر عنه أنَّه كان يقول على منبر الكوفة خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثمَّ عمر روى ذلك عنه من أكثر من ثمانين وجهًا ورواه البخاري وغيره ولهذا كانت الشيعة المتقدمون كلهم متفقون على تفضيل أبي بكر وعمر كما ذكر ذلك غير واحد".^[٥]
• يقول أبي جحيفة: "أنَّ عليا رضي الله عنه صعد المنبر، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، والثاني عمر رضي الله عنه، وقال يجعل الله تعالى الخير حيث أحب".^[٥]