التعريف بأم المؤمنين جويرية رضي الله عنها

هي برّة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن الحارث المصطلقية، وقد غيّر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اسمها فيما بعد إلى جُويْرية، وقد تزوّجها في الجاهلية مسافع بن صفوان الخزاعي، وسُبيت في السنة الخامسة للهجرة بغزوة المريسيع، وتميّزت بجمالها بين النساء، وكان أبوها سيِّداً مُطاعاً في قومه، وأسلم فيما بعد،[١] وتُوفّيت -رضي الله عنها- في السنة السادسة والخمسين في المدينة المنوّرة في خلافة معاوية -رضي الله عنه-.[٢]


قصة زواج النبي من جويرية رضي الله عنها

كانت جويرية -رضي الله عنه- سيّدة بني المصطلق، وشاء الله أنْ تكون مقسومةً للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد سمع النبي الكريم ذات يومٍ أنّ بني المصطلق بقيادة الحارث بن أبي ضرار يتجمّعون لغزو المسلمين، وشاء الله -تعالى- أن ينصر النبيّ وصحابته الكِرام في المعركة، ووقع في السبي من بني المصطلق خلقٌ كثير، ومنهم السيّدة برّة -جويرية- بنت الحارث، وكانت في العشرين من عمرها.[٣]


وقد وقعت في سهم ثابت بن قيس الأنصاري، وكانت امرأةً حسناء وفائقة الجمال، فجمعت المال القليل لتُكاتب نفسها حتى تخرج من الأسر، فلم تجد ما تُكمل به فداءها، فدخلت على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تطلب منه المساعدة في مكاتبتها، فقالت له: "يا رسول الله، أنا بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يَخْفَ عليك، فوقعت في سهم ثابت بن قيس،... فكاتبته على نفسي،... ثم جئتك أستعينك على أمري".[٣]


فرقّ قلب النبي لحالها، ورأى في الزواج منها مصلحةً عظيمةً لقومه وقومها، فأخبرها أنّ هناك أمرٌ أعظم ممّا طلبته، فقالت: "وما هو يا رسول الله"؟ فطلب أن يفتديها ويتزوّجها، فردّت مسرورة: "نعم، يا رسول الله"، فصارت -رضي الله عنها- من أمّهات المؤمنين، ودخلت بيت النبوّة بعد أن كانت في السّبي، وتحقّق على إثر ذلك العديد من المصالح التي سيأتي ذكرها في مناقبها.[٣]


من فضائل جويرية رضي الله عنها ومناقبها

تميّزت السيدة جويرية -رضي الله عنها- بالعديد من الفضائل، ونذكر من ذلك ما يأتي:

  • بركتها على قومها

عندما علِم الصحابة الكِرام بزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من سيّدة بني المصطلق جُويرية -رضي الله عنها- تركوا الأسارى من بين أيديهم، تقول عائشة -رضي الله عنها- بعد أن تزوّج النبي من جويرية: "قال الناس: أصهار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسلوا ما بيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها".[٤]


وقد جاء والدها الحارث ذات يومٍ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم- يطلب ابنته، فخيّرها النبي الكريم بين البقاء معه أو الذهاب مع والدها، فاختارت -رضي الله عنها- البقاء مع النبي الكريم، ثمّ أسلم والدها الحارث.[٥]


  • عبادتها لله وتقواها وكرمها

تميّزت جويرية -رضي الله عنها- بشدّة تقواها وعبادتها لله -سبحانه-، فقد كانت من الصوّامات القوامات، وتحرص على الإكثار من ذكر الله -سبحانه وتعالى-، وكانت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- موضع تقديرٍ وإجلالٍ بين المسلمين والصحابة، وكانت تُنفق كلّ ما يصلها من الأُعطيات الخاصة بها على الفقراء والمساكين اقتداءً بزوجها الحبيب -صلى الله عليه وسلم-.[٦]

المراجع

  1. المقريزي، إمتاع الأسماع، صفحة 82، جزء 6. بتصرّف.
  2. محمد بن صامل السلمي، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)، صفحة 308. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت السيد الجميلى، نساء النبي، صفحة 107-111. بتصرّف.
  4. إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية، صفحة 251. بتصرّف.
  5. صالح المغامسي، التعليق على الدرة المضيئة في السيرة النبوية للمقدسي، صفحة 13، جزء 2. بتصرّف.
  6. خالد الحمودي، أم المؤمنين جويرية بنت الحارث، صفحة 10-13. بتصرّف.