التعريف بأمّ المؤمنين سودة بنت زمعة

هي أمّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامرية القرشيّة -رضي الله عنها-،[١]وقد عاشت في مكّة المكرّمة، ونشأت فيها، وتقدّم لها السكران بن عمرو -رضي الله عنه- وتزوّجها، ولما بُعِث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أسلما بدعوته وصدّقا رسالته، وهاجرا إلى الحبشة مع المسلمين، فلمّا أسلم حمزة وعمر -رضي الله عنهما- وقويت بهما شوكة الإسلام رجعا معاً إلى الحبشة.[٢]


زواج النبيّ الكريم من سودة

بعد أن وصلت سودة وزوجها -رضي الله عنهما- إلى مكة مرض زوجها، وظلّت حوله تُساعده وتمرّضه وتداويه، ثمّ اشتدّ به المرض أكثر، ولم يلبث أياماً حتّى فارق الحياة، فتأيّمت سودة -رضي الله عنها- وظلّت صابرةً على قضاء الله -تعالى- ومحتسبة الأجر عنده.[٣]


ولمّا انتهت عدّتها كانت البُشرى السعيدة لقلبها بتقدّم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لخطبتها، وما أجمل ما فعله وفاءً للرجل الذي آمن بدعوته، ولسودة -رضوان الله عليها- التي لو تُرِكت لقومها لفتنوها، خاصَّةً أنّهم كانوا يتّصفون بالقسوة والعداوة للإسلام.[٤]


وقد تزوجها النبيّ الكريم بعد وفاة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- في رمضان في السنة العاشرة من النبوة، وتعدّدت آراء أهل السِّيَر في زواج النبيّ منها؛ أكان قبل العقد على عائشة -رضي الله عنها- أم بعده؟ وأكثرهم على أنّ زواجه منها كان قبل العقد على عائشة -رضي الله عنها-،[٥] فكانت -رضي الله عنها- أول امرأةٍ تزوّجها النبي الكريم بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها-، ولم تلد للنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى توفّي.[٦]


وهي التي وهبت يومها لعائشة -رضي الله عنها-، فعن أم المؤمنين عائشة قالت: (ما رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَكُونَ في مِسْلَاخِهَا مِن سَوْدَةَ بنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، قالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَومَهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ جَعَلْتُ يَومِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَومَيْنِ، يَومَهَا وَيَومَ سَوْدَةَ).[٧]


من صفات سودة رضي الله عنها

كانت سودة -رضي الله عنها- امرأةً خفيفة الظلّ؛ تحبّ الضحك وممازحة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإدخال البهجة إلى قلبه، وقد اشتُهِرت بشدّة كرمها وسخائها، فقد قسم النبيّ الكريم لها من الفيء في يوم خيبر، فكان من نصيبها ثمانون وسقاً من التمر، وعشرون من القمح، إلا أنّها تصدّقت به كلّه قبل أن يصل إلى بيتها، ووزّعته على الفقراء والمحتاجين، وممّا يدلّ على كرمها -رضي الله عنها-: (أنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلْنَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَيُّنَا أَسْرَعُ بكَ لُحُوقًا؟ قالَ: أَطْوَلُكُنَّ يَدًا، فأخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أنَّما كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا به وكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ).[٨][٩]


وفاة سودة رضي الله عنها

تعدّدت الآراء في زمن وفاة أم المؤمنين سودة -رضي الله عنها-:[١٠]

  • قيل: إنّها توفّيت في المدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- سنة أربع وخمسين في شهر شوال.
  • قيل: إنّها تُوفّيت في زمن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

المراجع

  1. محمود محمد خليل (1997)، موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله (الطبعة 1)، صفحة 257، جزء 4.
  2. خالد الحمودي، أم المؤمنين سودة بنت زمعة، صفحة 7. بتصرّف.
  3. خالد الحمودي، أم المؤمنين سودة بنت زمعة، جدة:دار القاسم، صفحة 8-9. بتصرّف.
  4. محمد الخضري، نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 59. بتصرّف.
  5. ابن العطار (2006)، العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (الطبعة 1)، بيروت:دار البشائر الإسلامية، صفحة 1365، جزء 3. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة التاريخية الدرر السنية، صفحة 21، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1463 ، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1420 ، صحيح.
  9. خالد حمودي، أم المؤمنين سودة بنت زمعة، صفحة 12. بتصرّف.
  10. أبو القاسم ابن عساكر (1995)، تاريخ دمشق، صفحة 198، جزء 3. بتصرّف.