شروط صلح الحديبية

تضمنت الاتفاقية التي حصلت بين المسلمين ومشركي قريش، وهي التي تعرف بصلح الحديبية، مجموعة من الشروط والبنود، بيانها كما يلي:[١][٢]


عدم دخول المسلمين مكة هذا العام

ينصّ هذا البند من الصلح أنه على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من أصحابه -رضوان الله عليهم- الرجوع إلى المدينة المنورة، وعدم دخول مكة المكرمة هذا العام، وعدم أدائهم مناسك العمرة، وإذا جاء العام المقبل دخلوها لأداء العمرة، وأقاموا فيها ثلاثة أيام، ليس معهم إلا سلاح الراكب، دون أن تتعرض لهم قريش بأي نوع من أنواع الأذى والشرّ.


إيقاف الحرب بين الطرفين عشر سنوات

ينص هذا البند من الصلح على وضع الحرب، وإيقافها فيما بينهم مدة عشرة سنين، ففي أثناء هذه المدة يأمن الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض.


دخول القبائل في حلف النبي وفي حلف قريش

ينص هذا البند من الصلح على أنه من أراد أن يدخل في عقد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهده، وأحبّ أن ينضم إلى المسلمين فله ذلك، ومن أراد وأحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم، وينضم إليهم فله ذلك، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أحد الفريقْين جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي قبيلة من القبائل المحالفة يعتبر عدواناً على ذلك الفريق، ويعتبر مخالفة واضحة للاتفاقية، وقد دخل بنو خزاعة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودخل بنو بكر في عهد قريش.


إرجاع من أسلم من أهل مكة لقريش وعدم إرجاع من ارتد إلى المسلمين

ينص هذا البند من الصلح على أنه من يذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قريش بعد صلح الحديبية مسلماً من غير إذن وليه هارباً منه، يردّه عليهم، ويرجع إلى أهله وأقاربه، ومن يذهب إلى قريش ممن كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم من غير إذنه هارباً منه لا يردوه، ولا يعود إليه.


موقف الصحابة من الصلح

كان موقف الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد كتابة الصلح واضحاً وجلياً في رفضهم له، وعدم رضاهم على شروطه وبنوده، فهم لم يروا إلا سلبياته فقط، خاصة البند الرابع، والذي فيه إعادة المسلمين إلى الكفار مرة ثانية إذا قدموا إليهم، حيث كان جُلُّ همّهم أن يدخلوا مكة المكرمة هذا العام، وألا يُعيدوا المسلمين الذين يسلمون إلى مكة مرة ثانية، وظلّ الحزن مسيطراً عليهم، حيث كانوا يشعرون بالظلم من هذا الصلح وهذه الشروط، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينظر إلى الموضوع بنظرة أكثر شمولية، واضحة الهدف، فكان هدفه هو نشر دين الله في الأرض وتوسعه، حتى ولو تأخر إسلام مكة عدة سنوات. [٣]


ومن أبرز مواقف الصحابة -رضي الله عنه- في رفضهم للصلح موقف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث دار حوار بينه وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- يدل على عدم الرضى، ويعبر عن مدى الأسى والحزن الذي كان في قلبه وقلب الصحابة -رضي الله عنهم-.[٤]


حيث جاء في نص الحوار: (فَجَاءَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ فَقالَ: بَلَى. فَقالَ: أَليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ وقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا، أَنَرْجِعُ ولَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا وبيْنَهُمْ؟ فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إلى أَبِي بَكْرٍ فَقالَ له مِثْلَ ما قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّه رَسولُ اللَّهِ، ولَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ فَقَرَأَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى عُمَرَ إلى آخِرِهَا، فَقالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قالَ: نَعَمْ).[٥]


المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 312-313. بتصرّف.
  2. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 6-9. بتصرّف.
  3. "موقف الصحابة من صلح الحديبية"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/7/2022. بتصرّف.
  4. "مع الحبيب صلى الله عليه وسلم - حزن الصحابة بسبب بنود الحديبية وبداية ظهور البشارات "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/7/2022. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن حنيف، الصفحة أو الرقم:3182، صحيح.