كم عدد الصحابة في خطبة الوداع؟

تعددت أقوال العلماء في عدد الصحابة الذين حضروا خطبة الوداع في حجة الوداع مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل بأن عددهم كان مائة ألف صحابي وصحابية، وقيل مائة وأربعة عشر ألفاً، وقيل غير ذلك، وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- وصفُ كثرة عدد مَن حضر خطبة الوداع من الصحابة -رضي الله عنهم-، حيث قال: (فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى إذَا اسْتَوَتْ به نَاقَتُهُ علَى البَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إلى مَدِّ بَصَرِي بيْنَ يَدَيْهِ، مِن رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذلكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذلكَ).[١][٢]


خطبة الوداع

لقد حج النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة في حياته، هي حجة الوداع، وسميت بهذا الاسم لأنها كانت اللقاء الأخير بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وجموع المسلمين، فقد توفي -صلى الله عليه وسلم- بعدها بأشهر قليلة، وقد حدثت حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، بعد فرض الحج على المسلمين بعام واحد، وكانت هي حجة البلاغ وإتمام الدين، وقد خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع ثلاث خطب، كما هو ظاهر من سياق الأحاديث المروية في ذلك، وكانت الخطبة الأولى في يوم عرفة، وهي الخطبة المشهورة بخطبة الوداع، والثانية في يوم النحر بمنى، والثالثة في أوسط أيام التشريق بمنى، فقد أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الخطب المسلمين بأحكام الحج ومناسكه، وبينها لهم بفعله، وأبلغهم بما يحل لهم وما يحرم عليهم، ووضع لهم أسساً عظيمة وقواعد متينة يهتدون بها ويسيرون عليها في حياتهم، وقد نزل في ذلك الوقت قول الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[٣][٤][٥]


الدروس المستفادة من خطبة الوداع

تضمنت خطبة الوداع الكثير من الدروس والعبر، وهذه أبرزها:[٦]

  • التأكيد على الحُرمة العظيمة لدماء المسلمين وأموالهم، فإن قتلَ النفس التي حرم الله من أكبر الكبائر، وإن أكلَ أموال الناس بالباطل من أشد المحرمات، ولا يجوز الاستهانة بهما أبداً، فحُرمتُهما عند الله -تعالى- عظيمةٌ جداً، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ علَيْكُم، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا).[١]
  • إبطال عادات الجاهلية كاملة، وخاصة الثأر والانتقام، وأكل الربا، وغير ذلك من عادات قبيحة لا يقبلها الإسلام، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا كُلُّ شيءٍ مِن أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ، كانَ مُسْتَرْضِعًا في بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فإنَّه مَوْضُوعٌ كُلُّهُ).[١]
  • الوصية بالنساء، وإحسان معاملتهن وعشرتهن بالمعروف، وتوضيح ما لهن من حقوق وما عليهن من واجبات، قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ، فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عليهنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ).[١]
  • الأمر بالاعتصام بالقرآن والسنة، وبيان أن الاعتصام بهما يقي من الزيغ والضلال، قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إنِ اعْتَصَمْتُمْ به، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقالَ: بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ اللَّهُمَّ، اشْهَدْ، اللَّهُمَّ، اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، حديث صحيح.
  2. عبد الله العقيل (6/8/2015)، "حجة الوداع"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية:3
  4. إسلام ويب (21/12/2005)، "حجة الوداع"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  5. ابراهيم الحقيل (14/10/2013)، "خطب النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  6. الشيخ علي رمضان السيد (18/10/2012)، "الدروس المستفادة من خطبة النبي في حجة الوداع"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.