فاطمة الزهراء رضي الله عنها

فاطمة الزّهراء القرشية الهاشمية أم الحسنين، هي ابنة أبيها، ومَنْ كأبيها؟! إنها ابنة إمام المتقين محمد -صلى الله عليه وسلّم- وحبيبة قلبه ومهجة فؤاده، صاحبة الخُلُق والدّين، التّقية النّقية الطّاهرة الصابرة، صاحبة المناقب السّامية والخصال الوافية، نالت شرفاً لم ينله غيرها؛ فكانت سيّدة نساء العالمين في زمانها،[١] بشّرها بذلك الحبيب -عليه الصلاة والسلام- قائلاً: (يا فَاطِمَةُ، ألَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ).[٢]


وقفات في سيرة فاطة الزهراء

لا يملّ القاريء الوقوفَ في رحاب سيرة الطّاهرة المطهّرة فاطمة الزّهراء؛ فسيرتها المباركة لا يحدّه مقال، ولكنّها وقفات على أبرز أحداث سيرتها الطاهرة:

  • ولادتها

قيل في تاريخ مولدها أنّها ولدت وعمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إحدى وأربعين سنة، وقيل: ولدت في العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، ورسول اللَّه -صلّى اللَّه عليه وسلّم- يومها ابن خمس وثلاثين سنة، وقيل: ولدت قبل البعثة النبوية بخمس سنين،[٣]وفاطمة أصغر بنات النبي -صلى الله عليه وسلّم- وأحبهنّ إلى قلبه.[٤]


  • لقبها الزّهراء

اشتهرت بلقب "الزّهراء"، قيل: لأنّ وجهها كان وضّاءً مشرقاً كأبيها -عليه الصلاة والسلام-،[٥] ولم يثبت أنّ هذا اللّقب أطلقه عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنّما أطلقه أهل العلم عليها في كتبهم، مثل: ابن حبان البستي، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر، وغيرهم،[٦] وجرى هذا اللقب مجرى القبول عند عموم المسلمين.


  • شبهها بالنبي الكريم

كانت أشبه النّاس بأبيها -صلى الله عليه وسلم- في سمتها وهيئتها ووقارها وحُسن خصالها،[٧] تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما رأيتُ أحدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ودَلًّا وهَدْيًا برسولِ اللهِ في قيامِها وقعودِها من فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ...).[٨]


  • من مظاهر حبّ النبي لها وبرّها له

كانت تبادل النبيّ الكريم مظاهر الحبّ والبرّ وحُسن التّربية؛ ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانت إذا دَخَلَتْ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقَبَّلَها وأَجْلَسَها في مَجْلِسِهِ وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخل عليها قامت من مَجْلِسِها فقَبَّلَتْهُ وأَجْلَسَتْهُ في مَجْلِسِها، ...).[٨]


  • زواجها وأسرتها

تزوّجها علي -رضي الله عنه- بعد غزوة بدر، وأنجبت له الحسن والحسين -سيّدا شباب أهل الجنّة-، ومُحَسِّن وقد مات صغيراً،[٩] وأنجبت له من الإناث أم كلثوم، التي تزوجها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وزينب التي تزوجها عبدالله بن جعفر -رضي الله عنه-.[١٠]


  • ذريتها امتداد النّسب المحمدي الوحيد

ذرّيتها المباركة هي الامتداد الوحيد لنسل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد انقطع نسله إلا منها ومن ذرّيتها،[١١] وكلّ من ثبت اتصاله بنسب النبي الكريم يمرّ نسبه قبل النبيّ بها.


  • من مواقفها في الدّفاع عن النبي الكريم
  • المرحلة المكية: شهدت فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- جانباً من أذيّة مشركي قريش لأبيها -صلى الله عليه وسلّم- في مكة، وكانت تدافع عنه وتدفع عنه الأذى؛ ففي الصحيح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدٌ، وحَوْلَهُ نَاسٌ مِن قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ بسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ علَى ظَهْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فأخَذَتْهُ مِن ظَهْرِهِ، ودَعَتْ علَى مَن صَنَعَ).[١٢]


  • المرحلة المدنية: يوم أنْ أصيب النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد، وبعد أنْ انصرف المشركون أسرعت فاطمة إلى أبيها -عليه الصلاة والسلام- تداوي جُرحه بمساعدة زوجها علي -رضي الله عنه-، وقد شجَّ وجهه الشريف وكُسرت رباعيته؛ ففي الحديث عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: (... كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ بنْتُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَغْسِلُهُ، وعَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ المَاءَ بالمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أنَّ المَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إلَّا كَثْرَةً، أخَذَتْ قِطْعَةً مِن حَصِيرٍ، فأحْرَقَتْهَا وأَلْصَقَتْهَا، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ، وكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَومَئذٍ، وجُرِحَ وجْهُهُ، وكُسِرَتِ البَيْضَةُ علَى رَأْسِهِ).[١٣]


  • وفاتها

لمّا حضرت الوفاة فاطمة الزّهراء كانت قد أوصت إلى أسماء بنت عميس أنْ تغسلها فغسلتها هي وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، وكانت وفاة فاطمة ليلة الثلاثاء في الثالث من رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة، وقيل: إنّها لم تضحك بعد وفاة أبيها -عليه الصلاة والسلام- من شدّة حزنها ووجْدها على فراقه،[١٤] (وعاشَتْ بَعْدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتَّةَ أشْهُرٍ).[١٥]


رضي الله عن فاطمة الزّهراء وعن آل بيت النبي الأطهار، وجمعنا بهم في مستقرّ رحمته -سبحانه-، اللهم آمين.

المراجع

  1. شمس الدين الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء، القاهرة:دار الحديث، صفحة 415، جزء 3. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6285 ، صحيح.
  3. أحمد بن علي المقريزي (1990)، إمتاع الأسماع (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 351، جزء 5. بتصرّف.
  4. ابن حجر العسقلاني (1415)، الإصابة في تمييز الصحابة، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 263، جزء 8. بتصرّف.
  5. عمر عبد الكافي، مقتطفات من السيرة، صفحة 11، جزء 8. بتصرّف.
  6. فريق الموقع (17/9/2014)، "لماذا يطلق على فاطمة رضي الله عنها لقب " الزهراء " ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2023. بتصرّف.
  7. مجدي السيد، خير نساء العالمين، صفحة 17. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3872 ، حسن غريب من هذا الوجه.
  9. أبو الحسن ابن الأثير (1994)، أسد الغابة في معرفة الصحابة (الطبعة 1)، صفحة 69، جزء 5. بتصرّف.
  10. فريق الموقع (29/4/2001)، "فضل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2023. بتصرّف.
  11. أبو الحسن ابن الأثير (1994)، أسد الغابة في معرفة الصحابة (الطبعة 1)، صفحة 216، جزء 7. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3854 ، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد، الصفحة أو الرقم:4075 ، صحيح.
  14. فريق الموقع، "وفاة فاطمة رضي الله عنها، ريحانة رسول الله"، الإسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2023. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:3092 ، صحيح.