وفاة السيدة فاطمة الزهراء

توفيت السيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- بنت سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة أبيها بستة أشهر في أصح أقوال أهل العلم، حيث قيل أقل من ذلك، فقيل بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- بثلاثة أشهر، وقيل بثمانية أشهر، وقيل بسبعين يوماً، وقيل بخمس وسبعين ليلة، وقيل بستة أشهر إلا ليلتيْن، وكان وفاتها في عهد الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في شهر رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة، وكان عمرها تسعاً وعشرين سنة، وقيل سبعاً وعشرين، وقيل خمساً أو أربعاً وعشرين سنة.[١][٢]


وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرها قبل وفاته أنها أول أهله وفاة ولحوقاً به،[٣] حيث جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- أن فاطمة -رضي الله عنها- قد قالت لها أنه -صلى الله عليه وسلم- قد أسرّ لها وقال لها: (إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ -أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ؟ فَضَحِكْتُ لذلكَ).[٤][٥]


غسلها ودفنها والصلاة عليها

رُوي أن فاطمة -رضي الله عنها- غسّلت نفسها قبل أن تموت، ووصّت ألا يغسّلها أحد لئلا ينكشف جسدها، وأن علياً دفنها دون غسل، إلا أن الصحيح أن أسماء بنت عميس وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- قد تولّا تغسيلها، ولم يُسمح لغيرهما بتغليسها معهما، وكانت فاطمة هي أول من جُعل له النعش في الإسلام، عملته لها أسماء بنت عميس -رضي الله عنها-، وكانت قد رأته يُصنع في بلاد الحبشة.[٦][٧]


وقد صلى عليها علي بن أبي طالب، وقيل العباس، وقيل أبو بكر الصديق، وقام بدفتها علي بن أبي طالب، وكانت قد أوصته أن تدفن ليلاً ففعل ذلك، ونزل في قبرها مع علي بن أبي طالب العباس وابنه الفضل -رضي الله عنهم أجمعين-، ويقع قبرها في البقيع، في زاويةٍ في دار عقيل، وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع [٦][٨]


حزن علي بن أبي طالب والمسلمين على وفاتها

أصيب المسلمون على وفاة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحزنٍ شديدٍ، وعمّ الحزن أرجاء المدينة المنورة، وفاضت المدامع على مصاب فقدها، وقد وصف عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- المشهد، فيقول: "قُبضت فاطمة من يومها، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودُهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم"، وكان أشد الناس حزناً على وفاتها زوجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فأنشد قائلاً:[٩]

لكلِّ اجتماعٍ من خليلَين فُرقةٌ وكلُّ الذي دون الفراق قليلُ

وإن افتقادي واحداً بعد واحد دليلٌ على أن لا يدومَ خليلُ


المراجع

  1. عبد الستار الشيخ، فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الحسنين رضي الله عنهما، صفحة 339-340. بتصرّف.
  2. المقريزي، إمتاع الأسماع، صفحة 353. بتصرّف.
  3. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1898-1899. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3623، صحيح.
  5. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 22-23. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عبد الستار الشيخ، فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الحسنين رضي الله عنهما، صفحة 341-351. بتصرّف.
  7. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 216. بتصرّف.
  8. محمود السبكي، المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داوود، صفحة 30. بتصرّف.
  9. عبد الستار الشيخ، فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الحسنين رضي الله عنهما، صفحة 354-356. بتصرّف.