خلق الحياء
لا بدَّ للمسلم أن يكون عفيفًا حييّاً، فالحياء من الإيمان، وهذه عقيدة المسلم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ)،[١] والسّر في أنَّ الحياء من الإيمان هو أنَّ كلاهما يدعو إلى الخير، وكلاهما يصرف عن الشر، فالإيمان باعث للمؤمن على فعل الطاعة وعلى وترك المعصية، والحياء مانع لصاحبه عن التقصير في شكر النّعم أو التفريط في الحقوق، وبما أنَّ الحياء مانع للأفعال القبيحة فكان كله خير ولا يأتي إلا بالخير،[٢] وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ).[٣]
لماذا تستحي الملائكة من عثمان؟
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه حسن الخُلق، شديد الحياء، فكانت الملائكة تستحيي منه لعِظم هذه الخصلة فيه، فعن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا في بَيْتِي، كَاشِفًا عن فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فأذِنَ له، وَهو علَى تِلكَ الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فأذِنَ له، وَهو كَذلكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذلكَ في يَومٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ)،[٤] فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يستحيي من عثمان لحياء الملائكة منه،[٥] وفي هذا دلالة على مكانة عثمان -رضي الله عنه- عند الله تعالى، فما استحيت الملائكة منه إلا لذلك، فإنَّ الجزاء يكون من جنس العمل،[٦]وفي رواية عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم قال: (إنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ).[٧]
أقوال العلماء في حياء عثمان
ذكر سالم أَبي جميع أنَّ الحسن حدثهم عن عثمان وشدة حيائه، قائلاً: "إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ"، ويقول المناوي رحمه الله: " كان يستحي حتى من حلائله، وفي خلوته، ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن".[٥]
نبذة عن عثمان بن عفان
اسمه عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي،[٨] وهو ثالث الخلفاء الراشدين، ولد -رضي الله عنه- في مكة، بعد عام الفيل بست سنين، وكان من المسلمين الأوائل، وكان من الأغنياء الشرفاء في الجاهلية، كان يناديه رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلّم- عُثَيم، -بالتصغير-، ولُُقب بذي النورين لأنَّه تزوج من ابنتي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- رقية ثمَّ أم كلثوم، وقد جمع القرآن الكريم، وهو الذي جهز جيش العسرة في غزوة تبوك، استلم الخلافة بعد عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.[٩]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:35 ، حديث صحيح.
- ↑ محمد محمود عبد الخالق، "خلق الحياء وأهميته في حياة المسلم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:6117، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2401 ، حديث صحيح.
- ^ أ ب فريق موقع الاسلام سؤال وجواب (5/5/2014)، "لماذا كانت الملائكة تستحي من عثمان رضي الله عنه ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ فريق موقع اسلام ويب (6/5/2002)، "عثمان حيي ستير تستحي منه الملائكة"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة وعثمان، الصفحة أو الرقم:2402، حديث صحيح.
- ↑ د. راغب السرجاني (1/7/2008)، "عثمان بن عفان"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.
- ↑ فريق موقع صحابة رسول الله ، "عثمان بن عفان الأموي"، صحابة رسول الله، اطّلع عليه بتاريخ 12/5/2021. بتصرّف.