الخنساء هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، وقد لقبت بالخنساء لصغر أنفها وارتفاع أرنبتيها، عرفت واشتهرت لكونها شاعرة من أشعر العرب، حيث شهد لها الكثير من شعراء عصرها بذلك، فقد سئل جرير -وهو أشعر شعراء عصره ما بين 33 حتى 110 للهجرة- عن أشعر العرب فأجاب أنه لولا الخنساء لكان هو، وتميزت الخنساء لكونها شاعرة مخضرمة عاشت في الجاهلية، وأدركت الإسلام وأسلمت، وننوه إلى أن هناك أكثر من رواية حول حياة الخنساء، فهناك من يذكر أنها صحابية، وأنها شهدت معركة القادسية مع أبنائها الأربعة واستشهدوا، وهناك من يذكر أنها أسلمت، ولكنها لم تكن صحابية، وأن من شهد معركة القادسية امرأة أخرى تلقب أيضًا بالخنساء، وخلال هذا المقال سوف نوضح كلتا الروايتين، بالإضافة إلى ذكر ما روي عن الخنساء قبل الإسلام.[١][٢]


موجز قصة الخنساء في الجاهلية

عاشت الخنساء في الجاهلية في بيت عز وجاه، واشتهرت بقوة الشخصية وحرية الرأي، فتجلى ذلك من خلال رفضها الزواج بأحد فرسان بني جشم، وهو دريد بن الصمة، ثم تزوجت بابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، ولكن لم يدم زواجها به طويلًا بعد أن أنجبت له ولدًا، لأنه كان يضيع ماله في القِمار وشرب الخمر، ثم تزوجت بابن عمها الآخر مرداس بن أبي عامر السلمي، والذي أنجبت منه ثلاثة أولاد وبنت، ودام زواجها به حتى وفاته، ولم تتزوج بعده.[٣]


كان من أشهر الوقائع التي أصابت الخنساء هي قتل أخويها صخر ومعاوية في الجاهلية، إذ طلبت من أخيها صخر أن يثأر لمقتل معاوية، ففعل ومات من أثر ما أصابه من القتال الذي خاضه، وكان حب الخنساء لأخيها صخر شديدًا، إذ كان يقتسم ماله معها مناصفةً كلما جاءته طالبة للمعونة، فحزنت عليه حزنًا شديدًا وورثته وداومت على بكائه حتى أصابها العمى، ويروى أنها كانت طوف الكعبة قبل الإسلام وهي حليقة الرأس ترثي أخويها.[٣]


حياة الخنساء في الإسلام

ورد في حياة الخنساء بعد إسلامها روايتين، ولا يمكن الاستثبات من صحة أحدهما، لكونهما غير مرتبطتين بالرسول صلى الله عليه وسلم أو بأصحابه ليكون لها إسناد صحيح، وإنما هي قصص من كتب التاريخ، وفي ما يلي توضيح للروايتين:


الرواية الأولى في قصة الخنساء بعد الإسلام

يذكر أن الخنساء قدمت إلى رسول الله بوفد بني سليم، وأسلمت مع قومها وحسن إسلامها، وأن رسول الله كان يستنشدها فتنشد (وهذا ليس له إسناد أو أصل)، يقال إن قومها قدموا بها إلى عمر بن الخطاب لما كان أميرًا للمؤمنين لينهاها عن بكاء أخويها، فقال لها: اتقي الله وأيقني بالموت، فقالت أنا أبكي أبي وخيري مضر، وإني لموقنة بالموت، فقال عمر أتبكيهم، وقد أصبحوا جمر النار، فقالت ذلك أشد بكائي عليهم، فقال عمر لقومها أن يدعوها وشأنها.[٤][٥]


وأشهر رواية عن الخنساء أنها شهدت القادسية مع أربعة من أبنائها، وقد حثتهم على الجهاد في سبيل الله، ثم قتلوا جميعًا، فقالت الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته، وإذا صحت هذه الرواية، فإن الخنساء ضربت مثلًا لجميع المسلمين في أثر الإسلام والإيمان والعقيدة في تثبيت الإنسان وقت الشدائد، إذ لم يسعها الصبر قبل الإسلام على فقد إخوانها، بينما حمدت الله على فقد أولادها، واحتسبتهم شهداء عند الله.[٤][٥]


الرواية الثانية في قصة الخنساء بعد الإسلام

يروي المحققون في السير أن المقصود بالخنساء التي فقدت أربعة من أبنائها، وحضرت القادسية هي ليست الخنساء تماضر بنت عمرو، وإنما أخرى تدعى الخنساء النخعية، ويستندوا إلى ذلك بأن الخنساء قالت لأبنائها يوم القادسية: (يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم.) وهذا لا يصح في الخنساء تماضر بنت عمرو، لأن أبناءها ليسوا من أب واحد.[٢]


ويذكر أيضًا أن ابن الخنساء عبدالله المكنى بأبي شجرة قد ارتد بعد وفاة الرسول وقاتل المسلمين، وتوفي بعد عهد عمر بن الخطاب أي بعد القادسية، وهذا يتنافى مع الرواية الأولى أن أبناء الخنساء توفوا في القادسية، هذا والله أعلم.[٢]


المراجع

  1. "الخنساء"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، أرشيف منتدى الفصيح. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "قصة الخنساء الشاعرة أم الشهداء"، قصص واقعية، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "الخنساء"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "أمهات عطرات في التاريخ ( 1 ) الخنساء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.