نبذة عن حياة سعد بن معاذ

هو سعد بن معاذ بن النّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك الأوسيّ الأنصاريّ، وأمه كبشة بنت رافع الأنصارية، وثبت لها صحبة؛ فقد أسلمت وبايعت النبي -صلى الله عليه وسلم-.[١] وحياة سعد بن معاذ -رضي الله عنه- حياة زاخرة بالمواقف المشرقة التي شهدتها حياته منذ إسلامه وحتى وفاته، وهذا المقال يلقي الضّوء على جانب منها.


إسلام سعد بن معاذ

أكرم الله -تعالى- سعد بن معاذ -رضي الله عنه- بدخول الإسلام والتّصديق برسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- على يد مصعب بن عمير -رضي الله عنه- سفير النبي الكريم إلى يثرب، وكان لإسلام سعد وجهوده أثر كبير في إسلام قومه، الأمر الذي مهّد الطريق لهجرة المسلمين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وذكر المؤرّخون أنّ إسلامه كان بين بيعة العقبة الأولى والثانية.[٢]


يروي ابن كثير أنّ سعداً بعد إسلامه رجع إلى قومه، وقال لهم: "يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا، وأفضلنا رأياً، وأيمننا نقيبة. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله. قال: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة".[٣]


مواقف سعد بن معاذ في الإسلام

كان سعد بن معاذ -رضي الله عنه- قد شهد بدراً وأحداً والخندق،[٢] وفضلاً عن دوره المؤثِّر في دخول عدد كبير من الأوس في الإسلام كان له العديد من المواقف المشرقة في نصرة الإسلام والمسلمين، ومن ذلك:

موقفه في غزوة بدر

تروي كتب السّير والمغازي أنّ سعد بن معاذ -رضي الله عنه- قد سجّل موقفاً أسعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وشدّ به أزر المسلمين وذلك عندما استشار النبي الكريم الصحابة الكرام بعد أنْ بلغه أنّ قريشاً استنفرت للدّفاع عن قافلتهم العائدة من بلاد الشام، فوقف حينها سعد موجّهاً خطابه للنبي -عليه الصلاة والسلام- قائلاً:


"قد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ. فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحرّ فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ، وما نكرهُ أن تَلقَى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عند اللِّقاءِ، ولعلَّ اللهَ يريك منَّا ما تقرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركةِ اللهِ".[٤]


موقفه بعد غزوة بني قريظة

بعد غزوة الخندق عزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على معاقبة بني قريظة جزاءً لغدرهم بجماعة المسلمين ونقضهم للعهد، وبعد أنْ تمكّن المسلمون منهم رضوا أنْ يحكم بأمرهم سعد بن معاذ -رضي الله عنهم- ظنّاً منهم أنّه سيخفّف في حكمه عليهم لقربهم منه قبل الإسلام، وفي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ علَى حُكْمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فأرْسَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- إلى سَعْدٍ، فأتَاهُ علَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ المَسْجِدِ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِلأَنْصَارِ: قُومُوا إلى سَيِّدِكُمْ، أَوْ خَيْرِكُمْ، ثُمَّ قالَ: إنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا علَى حُكْمِكَ، قالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذُرِّيَّتَهُمْ، قالَ: فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: قَضَيْتَ بحُكْمِ اللهِ).[٥]


وفاة سعد بن معاذ وبشار الرسول به

توفي سعد بن معاذ -رضي الله عنه- متأثراً بإصابة أصيب بها في غزوة الأحزاب، حيث أصيب في أكحله بنبلٍ أصابه، وفي الأيام التي كان يُمرَّض فيها أظهر النبي الكريم اهتمامه بأمره حتى شاء الله -تعالى- أنْ يمدّ بأجله ليحكم بأمر بني قريظة، وقد حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- لوفاته حُزناً كبيراً، وبشّر بحُسن مقْدَمه على ربّه؛ فقد صح في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (قالَ رَسولُ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وجِنازةُ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ بيْنَ أيْدِيهِم: اهْتَزَّ لَها عَرْشُ الرَّحْمَنِ).[٦]

المراجع

  1. أبو الحسن ابن الأثير (1994)، أسد الغابة في معرفة الصحابة (الطبعة 1)، صفحة 461، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن عبد البر القرطبي (1992)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب (الطبعة 1)، بيروت:دار الجيل، صفحة 502، جزء 2. بتصرّف.
  3. ابن كثير (1997)، البداية والنهاية (الطبعة 1)، صفحة 381، جزء 4.
  4. عبد الرحمن السهيلي (1412)، الروض الأنف (الطبعة 1)، صفحة 92، جزء 5.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1768 ، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2466 ، صحيح.