تعريف بحذيفة بن اليمان
هو الصحابي الجليل حذيفة بن حسيل بن جابر بن عمرو، ابن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن، ابن قطيعة بن عبس العبسي القطيعي، وقد لُقّب حسيل باليمان نسبةً إلى جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، حيث كان جروة يُعرف باليمان لأنّه قتل أحداً من قبيلته فهرب مستجيراً إلى المدينة، وهناك حالف اليمانية، فخالف بني عبد الأشهل، ووالدته هي الرباب بنت كعب بن عدىّ بن عَبْد الأشهل، امرأة من الأنصار، وكان قد قُتل والده حسيل -رضي الله عنه- في غزوة أحد بالخطأ، حيث اعتقد أحد المسلمين أنّه من المشركين فقتله، وكان -رضي الله عنه- يُكنّى بأبي عبد الله.[١]
أسرة حذيفة بن اليمان
إخوته وأخواته
ذكر أهل السير أنّه كان لحذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- ثلاث إخوة من الذكور وهم: سعد، وصفوان، ومدلج، وثلاث إخوة من الإناث، وهنّ: أم سلمة ليلى بنت اليمان، وفاطمة بنت اليمان، وخولة بنت اليمان، وفيما يأتي ذكر نبذة عن بعضهم:[٢]
- صفوان: كان صفوان قد أسلم، وقد شارك مع حذيفة ووالده -رضي الله عنهم- في غزوة أحد، كما ذكر ذلك ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-.
- فاطمة: أسلمت -رضي الله عنها- وباعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فكانت ممن صاحبه، وقد روت -رضي الله عنها- حديثاً عن رسول الله، وهو أنّه عندما جاءت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تعوده بنساء، فوجدت سقاءً معلقاً يقطر ماءه عليه من شدّة ارتفاع حرارته ومرضه -عليه الصلاة والسلام-، فقالت له فاطمة: يا رسول الله؛ لو تدعو الله فيشفيك، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أشدَّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).[٣]
- أم سلمة: هي ليلى أم عمرو بن ثابت بن وقش الذي بشّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه من أهل الجنّة، ولم يكن صلَّ لله تعالى سجدة.
- خولة: كانت -رضي الله عنها- ممن صاحب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وروت عنه الأحاديث.
أبناؤه وبناته
كان للصحابي حذيفة -رضي الله عنه- خمساً من الأبناء، أربع ذكور، وابنة واحدة، وهم:[٢]
- أبو عبيدة بن حذيفة: وقد روى أبو عبيدة -رضي الله عنه- عن أبيه، وعن عدي بن حاتم، ومجموعة من الصحابة غيرهم، كما روى عنه جمع من التابعين.
- صفوان بن حذيفة: قُتل -رضي الله عنه- بمعركة صفّين، وكان قد نفذ وصية أبيه في مبايعة علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه-، وبقي يقاتل معه حتى استشهد.
- سعيد بن حذيفة: وقد رافق أخاه صفوان في مبايعته لعليّ -كرّم الله وجهه-، وقد استشهد أيضاً معه في صفين.
- سمّاك بن حذيفة: وكان قد روى الأحاديث عن أبيه -رضي الله عنهما-.
- سعد بن حذيفة: كان سعد -رضي الله عنه- والياً على القضاء في المدائن، وقد روى عن والده حذيفة، ورى عنه كلاً من قندر الثوري، وزياد بن العلاقة.
- أم سلمة: هي أم موسى بن عبد الله بن يزيد، وقد روت عن أبيها حديث في النهي عن صيام يوم الشكّ.
إسلام حذيفة بن اليمان
وُلد الصحابي حذيفة وشمس الإسلام قد شارفت على الشروق، فما أن بُعث محمد -صلّى الله عليه سلّم- حتى أدرك والد حذيفة -رضي الله عنه- صدق الإيمان به، فأسلم هو وزوجته -رضي الله عنهما-، فكانا من السابقين إلى الإسلام، بعد أن عاصرا الجاهلية والظلم فيها، ممّا ساعد حذيفة -رضي الله عنه- أن ينشأ في بيئة غُرس الإسلام بها حباً وطواعية، فكان إسلامه مبكراً منذ صغره، وكان قد ذهب إلى رسول الله -صلّى الله عليه سلّم- فخيّره -عليه الصلاة والسلام- بين الهجرة والنصرة، فاختار -رضي الله عنه- النصرة، وذلك لأنّ الأنصار كانوا من حلفائه، فكان وفيّاً لهم، مع أنّه كان مهاجراً بسبب هجرته إلى المدينة، حتى أنّ بعضهم عدّه -رضي الله عنه- من أعيان المهاجرين وأعيان الأنصار.[٤]
صفات حذيفة بن اليمان
الصفات الخُلقية
امتاز حذيفة -رضي الله عنه- بعدّة صفاتٍ خُلقية ومزايا خاصة به، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- الأمانة في النصيحة لله تعالى: حيث كان حذيفة -رضي الله عنه- سبباً في جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة عثمان، حيث رأى اختلاف المسلمين في قراءة كتاب الله تعالى، وذلك لتواجده في بعض الغزوات، فشكا ذلك إلى الخليفة عثمان -رضي الله عنه-، فقال: "يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى في كتبهم"، فاستجاب له الخليفة -رضي الله عنه- وقام بجمع القرآن على حرف واحد.[٥]
- الذكاء الشديد: تميّز حذيفة -رضي الله عنه- بذكائه وسرعة البديهة عنده، ممّا ساعده على معالجة أكبر الأزمات والمواقف، والخروج منها بسهولة ويسر، وهذا ما كان يراه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيه، ومن ذكائه أنَّه أدرك أنّ الخير واضحٌ، وأنّ الشرّ هو المخفي والمتغيّر، فقال عن نفسه: "كان الناس يسألون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني".[٦]
- التواضع، والصدق مع النفس: فقد تحدث -رضي الله عنه- بكل وضوح وصراحة عن ضعفه الذي منعه من الالتحاق بركب المسلمين من الدعوة الأولى له في ذلك، فلم يتحرج أو يخفي ضعفه، متستراً عليه، بل اعترف بذلك.[٧]
- الدقّة في نقل الأخبار لرسول الله: فقد كان -رضي الله عنه- ضابط الاستخبارات الأول للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث كان يتميّز بالكتمان لسرّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك لُقّب حذيفة بن اليمان بأمين سرّ رسول الله.[٧]
- قوة الشخصية، والإرادة.[٧]
الصفات الخَلقية
كان الصحابي حذيفة يحمل بعض الصفات الشكلية التي تميّزه عن غيره من الناس، حتى أنّ من يراه وهو لا يعرفه، يعرف أنّه من أهل الحجاز، وفيما يأتي ذكر بعضها:[٨]
- متوسط البنية، لا هو سمين ولا هو نحيف.
- حسن المبسم.
- حسن الوجه
بعض مواقف حذيفة بن اليمان
في غزوة بدر
ذكر أهل السير أنّ حذيفة -رضي الله عنه- لم يشارك في غزوة بدر، وكان السبب وراء ذلك هو الوفاء للعهد الذي قطعه على نفسه أمام قريش، فقد هاجر -رضي الله عنه- مع والده وبالطريق هناك أخذهم كفار قريش، ولمّا عرفوا وجهتهم أخذ كفّار قريش عليهم العهد ألّا يقاتلا مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأمرهم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأن يوفوا بالعهد، ويوكلوا أمرهم لله تعالى.[٩]
في ولاية المدائن
في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسله ليكون والياً له على المدائن، فقرأ كتاب التوكيل الذي أرسله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- معه إلى أهل المدائن، فقالوا: اطلب ما شئت، فقال -رضي الله عنه- أنّه لا حاجة له إلّا لبعض الطعام الذي يبقيه على قيد الحياة، والقليل من التبن لحماره، وأثناء وجوده في المدائن وصلت إليه رسالة من خليفة المسلمين يطلب فيها أن يأتي إلى المدينة ليلتقيه، فخرج في الطريق إلى المدينة طاعةً للخليفة، وعندما علم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّ حذيفة في الطريق إليه؛ خرج ليرى ماذا صنع في الأمانة التي كلّفه فيها على الناس، فلمّا رآه قادماً بنفس الحالة اطمأنّ لذلك، وقال: "أنت أخي، وأنا أخوك"، وكان قد قدم حذيفة بن اليمان إلى المدائن على حمار، سادلًا رجليه، وبيده شيء من لحمٍ ورغيفٌ.[١٠]
وفاة حذيفة بن اليمان
توفي الصحابي الجليل حذيفة -رضي الله عنه- بعد مسيرة حافلة من المواقف النبيلة والإنجازات العظيمة في الإسلام، وكان ذلك في السنة السادسة والثلاثون للهجرة،[١١] بعد أن قُتل الخليفة عثمان بن عفان بأربعين يوم، وقيل في السنة الخامسة والثلاثين للهجرة، حيث أنّه -رضي الله عنه- لم يدرك وقعة الجمل، كما ذكر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- أنّ حذيفة توفاه الله -تعالى- في نهاية شهر محرم في سنة ستة وثلاثين للهجرة، وقد توفي -رضي الله عنه- في منطقة المدائن، ودُفن فيها كما قال بذلك ابن سعد -رحمه الله تعالى-، ويقع قبر حذيفة -رضي الله عنه- تحديداً في الوقت الحاضر في مسجد سلمان الفارسي في المدائن،[١٢][١٣] وكان عمر -رضي الله عنه- قد أمّره على المدائن في العراق فبقي عليها حتى مات فيها -رحمه الله تعالى-.[١٤]
المراجع
- ↑ ابن عبد البر، كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 334. بتصرّف.
- ^ أ ب إبراهيم محمد العلي، سير وتراجم وحياة الأعلام من الناس، صفحة 22-24. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن فاطمة بنت اليمان ، الصفحة أو الرقم:1562، حديث صحيح.
- ↑ إبراهيم محمد العلي، حذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، صفحة 29. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، كتاب البداية والنهاية ط هجر، صفحة 393. بتصرّف.
- ↑ جامعة المدينة العالمية، كتاب أصول الدعوة وطرقها، صفحة 360. بتصرّف.
- ^ أ ب ت إبراهيم محمد العلي، حذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله، صفحة 51. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم محمد العلي، حذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ الذهبي، شمس الدين، كتاب سير أعلام النبلاء، صفحة 364. بتصرّف.
- ↑ الذهبي، شمس الدين، كتاب سير أعلام النبلاء، صفحة 366. بتصرّف.
- ↑ مؤلف، كتاب موسوعة الأعلام، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ ابن مَنْجُويَه، كتاب رجال صحيح مسلم، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم محمد العلي، حذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، صفحة 226. بتصرّف.
- ↑ "ما صحة قصة نقل جثتي حذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم؟"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2021. بتصرّف.