جعفر بن أبي طالِب رضيَ الله عنه

هو جَعفر بنُ أبي طالبٍ بن عبد المطلِب بن هاشِم بن عبد مناف بن قصي القُرشيّ الهاشِميّ، يُكنّى بأبي عبد الله، وقد تزوّج رضي الله عنه بالصّحابيّة الجليلة أسماءُ بنتُ عُمَيسٍ رضي الله عنها، وهو ابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، وشقيق عليّ بن أبي طالِبٍ لكلا والِدَيه، ويكبُر علياً بعشر سنين، وقد كانَ أشبَه النّاس بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم خَلقاً وخُلقاً، وهو من السّابقين الأوّلين للإسلام؛ إذ أسلمَ بعد أخيه عليّ بمدّة وجيزة، وكانَ ترتيبُه الثّاني والثّلاثين من عددِ مَن قد أسلَم في أوّل الدّعوة، ويُذكر في السّير أنّ جعفراً قد هاجرَ هجرتَين؛ هجرةً إلى الحبشة، وهجرةً إلى المدينة.[١]


ما هو لقب جعفر بن أبي طالبٍ؟

تميّز جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاهُ، بعدة ألقاب، وأبرز ما اشتهر به ما يلي:[٢][٣]


طّيار الجنة وذو الجنَاحَين

وهو اللّقب الذي اشتُهِر به كثيراً؛ وسببُ تلقِيبه به؛ هو أنّه كان أحد القادةِ في غزوةِ مؤتة، إذ أدّى بها وأبلى بلاءً حسناً؛ فكان قائداً مِغواراً فذاً، فقد عهِد إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يكون القائد للمسلمين إذا أصِيب زيدٌ بن حارثة، وقد استشهد زيدٌ أوّل قائدٍ لمؤتة؛ فأخذ الرّايةَ جعفرٌ وجاهد في الله حقّ جهادِه، حتّى أنّه حمَى راية الإسلام بكلّ ما يملك؛ فأخذ الرّاية بيده اليمنى؛ فأصيب بها وقُطِعت؛ ثمّ أخذها بيده اليسرى؛ فأصِيب بها كذلِك وقُطِعت، ولم يدعِ الرّاية تسقُط أبداً إذ أخذها بكلا عُضدَيه؛ وهو على هذهِ الحال لم يزل متمسكاً بالرّاية مقبِلاً للشهادةِ غيرَ مدبرٍ حتّى سقط شهيداً، وقد أخبر النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّ الله -تعالى- أبدلَ جعفراً بجناحين بدل يديه اللتيْن قطعتا، يطير بهما في الجنة حيث يشاء، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (رأيتُ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ ملَكًا يطير في الجنَّةِ ذا جناحَينِ ، يطير منها حيثُ شاء ، مُضرَجَةً قوادِمُه بالدِّماءِ)،[٤] وكان عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنهما- إذا سلَّمَ على أحد أبناء جعفر بن أبي طالب قال: (السَّلَامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ).[٥]


أبو المساكِين

وقد لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي المساكين؛ حيثُ كان أخيرَ النّاس للمساكِين؛ إذ كان يقوم بحوائِجهم ويرعاهم ويُلازِمُهم ويُطعِمُهم ممّا في بيتِه؛ ويحبّهم ويكلّمهم، فعن أبي هُريرة رضي الله عنه وأرضاهُ من الحديث الصّحيح أنّه قال واصِفاً جعفَر بخيريّته للمسكِين: (وكانَ أخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بنُ أبِي طَالِبٍ؛ كانَ يَنْقَلِبُ بنَا فيُطْعِمُنَا ما كانَ في بَيْتِهِ، حتَّى إنْ كانَ لَيُخْرِجُ إلَيْنَا العُكَّةَ الَّتي ليسَ فِيهَا شَيءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ ما فِيهَا). [٦] والعكّة هو الوعاء الذي يوضع فيه الطعام، فدلّ ذلك أيضاً على تميّز جعفر رضي الله عنه بالكرم والجود والعطاء، وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه كذلك قوله: (كُنَّا نُسمِّي جَعفَرًا أبا المساكينِ).[٧]


المراجع

  1. ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة، صفحة 541. بتصرّف.
  2. "جعفر بن أبي طالب"، قصة إسلام، 1/5/2006، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  3. نايف منير فارس، الإمام جعفر بن أبي طالب وآله رضي الله عنهم، صفحة 20-27. بتصرّف.
  4. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1362 ، صحيح لغيره.
  5. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن الشعبي عامر بن شراحيل، الصفحة أو الرقم:4264 ، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3708، حديث صحيح.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:212، إسناده حسن.