التعريف بالصحابي الطفيل بن عمرو

الطفيل بن عمرو من الصحابة الكِرام، ورجلٌ شريف، اشتهر بالكرم وحسن الضيافة، وقد كان شاعراً فصيحاً،[١] وهو الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس الدّوسي، وقال البغويّ: "أحسبه سكن الشّام".[٢]


وقد أسلم الطفيل -رضي الله عنه- في مكّة، ثمّ رجع إلى بلاده ودعا قومه للإسلام، وسيأتي لاحقاً بيان قصة إسلامه ودعوته لقومه، وقد شهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة، واستشهد في اليمامة، وقيل: استشهد في اليرموك، وقيل: بأجنادين.[٢]


إسلام الطفيل بن عمرو

سمع الطفيل بن عمرو بخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقدِم إلى مكّة، فلمّا رآه رجالٌ من قريش قدموا إليه مسرعين، واتّهموا بالنبيّ الكريم بالسّحر، ودأبوا في نصحه بالحذر منه، وأوصوه ألا يسمع شيئاً من كلامه قائلين: "إنما قوله كالسّحرة، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلّمنه ولا تسمع منه".[٣]


وبالفعل احتاط الطفيل بسبب كلامهم حتى حشا أذنيْه بالقطن خوفاً من سماع شيءٍ من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثمّ ذهب إلى المسجد، ووجد النبي الكريم يُصلّي عند الكعبة، فاقترب منه وسمع رغم ذلك كلاماً حسناً، فقال في نفسه: "وا ثكل أمي، والله إني لرجلٌ لبيبٌ شاعر، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الّذي يأتي به حسنا قبلته، وإن كان قبيحاً تركته".[٣]


ثمّ تبع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى وصل إلى بيته، فدخل عند النبي الكريم، وأخبره بما قال رجال قريش عنه، وقال: "فو الله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني

بكرسف لأن لا أسمع قولك، ثم أبى الله أن يسمعنيه، فسمعت قولاً حسناً"، ثمّ طلب من النبي أن يُسْمعه شيئاً من القرآن، فأقسم أنّه لم يسمع شيئاً أحسن منه، وشرح الله صدره للإسلام، وشهد شهادة الحق.[٣]


دعوة الطفيل بن عمرو لقومه

بعد أن شهد الطفيل بن عمرو -رضي الله عنه- شهادة الحق طلب من النبي الكريم أن يُرسله لدعوة قومه، فهو رجلٌ شريفٌ ومُطاعٌ في قومه، وطلب من النبي الكريم أن يجعل له آية، ثمّ ذهب إلى قومه وكانت الآية نوراً يظهر في سوطه، فدعاهم للإسلام.[٤]


ثمّ عاد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخبره أنّ قومه قد عاندوه وصدّوا عن الحق، وطلب منه النبي الكريم أن يدعو عليهم بالهلاك، ولكنّ الحبيب المصطفى رفع يديه داعياً الله -تعالى- لهم بالهداية، فقال: (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وأْتِ بهِمْ)،[٥] واستجاب الله -تعالى- دعاءه، إذْ رجع الطفيل إلى قومه فدعاهم للإسلام مرَّةً أخرى، واستجابوا وشهدوا بشهادة الحق.[٤]


ثمّ بعد مرور مدَّةٍ زمنية جاء الطفيل مع دوس كلّها وقد أعلنت إسلامها، وعلى رأسهم الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، إذْ أسلم على يد الطفيل،[٤] وقدموا إلى النبي بخيبر، يقول الطفيل: "ثم قدمت بمن أسلم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس"، وقد جعل النبي الكريم لهم سهماً مع المسلمين، وظلّ الطفيل مع النبي الكريم وشهد فتح مكة.[٦]

المراجع

  1. ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 229، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 422-424، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت المقريزي، إمتاع الأسماع، صفحة 357-358، جزء 4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت محمد حسان، دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 7، جزء 152. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4392، صحيح.
  6. ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 230، جزء 1. بتصرّف.