التعريف بعطاء بن أبي رباح

هو عطاء بن أبي رباح أسلم وقيل سالم بن صفوان مولى بني فهد المكّي، ويُكنّى عطاء بأبي محمّد، وهو من كبار الفقهاء والتابعين في مكّة، واشتهر -رحمه الله- بالزّهد والقرب من الله -تعالى-، وقد سمع الرواية عن العديد من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-، ومنهم: عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، وكان عطاء بن أبي رباح رجلاً كثير العلم، واشتهر بالفتوى في زمانه، وعاش مئة سنة، وتُوفّي عام 105هـ.[١]


إخلاص عطاء بن أبي رباح

كان عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- يحرص على نيّته ويتعاهدها باستمرار حتى اشتهر عنه الإخلاص بين النّاس، وظهر ذلك في أكثر من موقف، ومنها:[٢]

  • موقفه في الحج

كان عطاء -رحمه الله- يحجّ كثيراً، وذات مرة بعد أن أفاض الحجّاج من عرفة سأله أحدهم: "أتظن أن الله سيقبل العمل أو لا"؟ فقال له عطاء -رحمه الله-: "أوقن أن الله قبل، لولا أني فيكم"، ويقصد أنّه الشرّ الوحيد الذي لن تنزل بسببه الرحمة، وذلك من شدّة خوفه من الله، وحرصه على إخلاص نيّته.


  • موقفه في ليلة مزدلفة

نام عطاء -رحمه الله- ذات يومٍ ليلة المزدلفة، فرأى في منامه مكليْن يتحدّثان، فقال أحدهما: "كم حج هذا العام؟ فقال له: ستمئة ألف، قال: وكم قبل الله منهم؟ قال له: ما قبل إلا ستة"، فقام عطاء فزعاً من منامه، وخاف أن لا يكون من هؤلاء الستة.


ثمّ بقي يدعو الله -تعالى- ويتوسّل إليه بقبول عمله، وأخذ يحثّ الناس على الدعاء والإلحاح فيه، وفي اليوم الثاني من أيام منى نام، ورأى نفس الملكين اللّذيْن رآهما في منامه السابق، فقال أحدهما للآخر: "كم حج هذا العام؟ قال له: ستمئة ألف، قال له: وكم قبل الله منهم؟ قال له: ستة، فقال الملك: لكن الله كريم، قال: نعم، إنه أعطى كل واحد من الستة مائة ألف"، فاطمأنّ عطاء وفرح بذلك فرحاً شديداً.


ثناء أهل العلم على عطاء بن أبي رباح

كان لعطاء بن أبي رباح في زمانه مكانةً عظيمة في قلوب النّاس، وقد أثنى عليه العلماء وعلى علمه وأخلاقه وعبادته، ونذكر شيئاً من ذلك فيما يأتي:[٣]

  • كان لعطاء -رحمه الله- باعٌ طويلٌ في الفتوى، وقد قال عنه قتادة: "أعلم الناس بالمناسك عطاء"، وقال إبراهيم بن عمر بن كيسان عنه: "أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحج صائحاً يصيح: لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح".[٤]
  • كان عطاء يُلازم المسجد كثيراً، وقد قال عنه ابن جريج: "كان المسجد فراش عطاء بن أبي رباح عشرين سنة".
  • اشتهر -رحمه الله- بالزّهد، وقد كان عمر بن ذر يقول: "ما رأيت مثل عطاء قط، وما رأيت على عطاء قميصاً ولا رأيت عليه ثوباً يساوي خمسة دراهم".
  • كان كثير التعبّد لله -تعالى-، وقد قال الأوزاعي: "ما رأيت أحداً خشع لله من عطاء"، وقال ابن جريج: "كان عطاء بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة، فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم ما يزول منه شيء ولا يتحرك"، وقال ابن أبي ليلى: "حج عطاء سبعين حجة".

المراجع

  1. مناع القطان، تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 317. بتصرّف.
  2. عمر عبد الكافي، مقتطفات من السيرة، صفحة 7، جزء 16. بتصرّف.
  3. ابن الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 415-416، جزء 1. بتصرّف.
  4. ابن خلكان، وفيات الأعيان، صفحة 261، جزء 3.