أول معركة لبلال بن رباح

كانت أول غزوة يشارك فيها بلال بن رباح -رضي الله عنه- بعد هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة غزوة بدر، ومن أبرز مواقفه يوم بدر أنه قام بقتل أمية بن خلف، الذي كان عبداً عنده في الجاهلية وقام بتعذيبه عندما أسلم، ولاقى على يديه أشد صنوف العذاب والتنكيل، فعندما رآه بلال -رضي الله عنه- يوم بدر بين جموع المشركين، هجم عليه قائلاً: "لا نجوتُ إن نجوتَ"، ثم صرخ بأعلى صوته قائلاً: "يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا".[١][٢]


فيُمكّنه الله منه ويقتله بيده التي كان يوثقها أمية أثناء تعذيبه، انتقاماً لنفسه مما لقيَه على يديْه من الأذى والتعذيب فيما سبق، ويهتف المسلمون ببدر قائلين: " أحد أحد"، وامتدح أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بلالاً عندما قتل أمية بن خلف قائلاً:[٣]

هنيئاً زادك الرحمن خيراً *** فقد أدركت ثأرك يا بلال.


جهاد بلال بن رباح ورباطه

كانت حياة بلال بن رباح -رضي الله عنه- جهاد ورباط في سبيل الله -تعالى-، مبتغياً رضا الله -عزّ وجلّ- ورضا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، لإعلاء كلمة الدين، وإقامة شعائره، فكان جهاده في مكة المكرمة بالثبات على موقفه وإسلامه، والوقوف بشجاعة ضد قريش، آخذاً بسلاح الصبر والثبات على موقفه وإيمانه أمام صنوف التعذيب التي لقيها من مشركي قريش عند علمت بإسلامه وأرادوا منه الرجوع عن دينه، فكلما عذبوه ويشتد عليه العذاب يقول: "أحدٌ أحدٌ".[٤]


ولما هاجر إلى المدينة المنورة كان بنفس المقدار من الشجاعة وأكثر منها في مواجهته للكفار في ساحة الميدان، حيث شارك -رضي الله عنه- في جميع الغزوات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فشهد بدراً، وأحداً، والخندق، والفتح، والمشاهد كلها.[٥]


وكان -رضي الله عنه- قد سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحثّ على الجهاد في سبيل الله، كما في قوله عندما سُئل: (أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ، وجِهَادٌ في سَبيلِهِ)،[٦]فاستأذن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يخرج إلى أرض الشام، فأذن له، وبقي فيها حتى توفي -رضي الله عنه-.[٧]


وفاة بلال بن رباح

توفي -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في دمشق، وقيل في داريا؛ وهي قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة، وكان وفاته سنة عشرين أو إحدى وعشرين للهجرة، وقيل سنة ثماني عشرة أو سبع عشرة للهجرة، وكان عمره بضعةً وستين عاماً، وقد دُفن في باب الصغير في مقبرة دمشق، وقيل بباب كيسان،[٨] وقيل دفن في حلب، وقد قال عندما حضرته الوفاة: "غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه"، فأخذت امرأته أخذت تندب وتقول: "واويلاه"، فقال -رضي الله عنه-: "وافرحتاه".[٩][١٠]


المراجع

  1. أحمد العبيدان، بلال بن رباح الحبشي ، المؤذن الأول في الإسلام، صفحة 220-222. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 1839. بتصرّف.
  3. "بلال بن رباح رضي الله عنه"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 29/8/2022. بتصرّف.
  4. أحمد العبيدان، بلال بن رباح الحبشي ، المؤذن الأول في الإسلام، صفحة 219-220. بتصرّف.
  5. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 178. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2518، صحيح.
  7. ابن الأثير، أسد الغابة، صفحة 415. بتصرّف.
  8. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 270. بتصرّف.
  9. عبد اللطيف سلطاني، في سبيل العقيدة الإسلامية، صفحة 147. بتصرّف.
  10. محمد الأثيوبي، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه، صفحة 376. بتصرّف.