الصحابي بلال بن رباح

هو بلال بن رباح القرشي الحبشي، أمه هي حمامة وكانت مولاة لبني جُمَح، وُلد بعد عام الفيل بثلاث سنوات أو أقل، في مكة وقيل في السراة من بلاد الشام،[١] كان له أخ اسمه خالد وأخت اسمها غفيرة، وقد ذكرت كتب السير أنه تزوج من هند الخولانية، وقيل أنه تزوج من هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهما، ولم يُنجب له أبناء، فهو لا عقب له كما ذكر ابن إسحاق وغيره، وكان يُكنى -رضي الله عنه- أبا عبد الرحمن، وقيل أبا عمرو، وقيل أبا عبد الله، وقيل أبا عبد الكريم.[٢][٣]


وكان -رضي الله عنه- مولى لأبي بكر الصّديق -رضي الله عنه- فقد اشتراه وأعتقه لوجه الله -تعالى- حين رآه يُعذب في مكة، آخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين أبي عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-، وكان يؤذن لرسول الله في حياته في السفر والحضر، فهو أول من أذن له في الإسلام.[٤]


إسلام بلال بن رباح

كان -رضي الله عنه- من السابقين الأولين في الإسلام، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (كانَ أوَّلَ مَن أظهرَ إسلامَه سبعةٌ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بَكرٍ وعمَّارٌ وأمُّهُ سميَّةُ وصُهيبٌ وبلالٌ والمقدادُ)،[٥] فقد رُوي أن رسول الله وأبا بكر اعتزلا ذات مرة في الغار، ومرّ بهما بلال ومعه غنم عبد الله بن جدعان، فناده النبي-صلى الله عليه وسلم- وطلب منه لبن، فقال له: "ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم، فقال رسول الله: اِيت بها"، فحلبها رسول الله، وشرب منها وسقى أبا بكر وبلال، ثم قال له رسول الله: "هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله"، فأسلم، وقال: "اكتم إسلامك"، ففعل وانصرف بغنمه.[٦]


وعندما علم المشركون بإسلامه قاموا بتعذيبه أشد العذاب، فهو من أوائل الصحابة الذين عذبوا في الإسلام، حيث قام أمية بن خلف الجمحي بتعذيبه ليرجع إلى الكفر ويترك دين الإسلام، ومن ذلك أنه كان يخرجه في وقت اشتداد الحرّ إلى صحراء مكة ويطرحه ويضع على صدره صخرة عظيمة، إلا أنه كان صابراً محتسباً، ثابتاً موحداً، وكانت جملته المشهورة وهو تحت العذاب والحر الشديد "أحد أحد"، ثم اشتراه أبو بكر الصديق وأعتقه.[٧][٨]


صفات بلال بن رباح وشخصيته

كان -رضي الله عنه- شديد السمرة طويلاً نحيفاً، أجنى؛ أي يميل أعلى ظهره على صدره، كثيف الشعر، خفيف العارضيْن؛ أي قليل شعر الوجه، ولا يغيّر لون الشيب في شعره،[٩] ومن أهم ما تميز به من الصفات والأخلاق وبرزت في شخصيته ما يلي:[٤][١٠]


الصبر والثبات

لاقى -رضي الله عنه- أشد أنواع العذاب عندما علمت قريش بإسلامه، إلا أنه صبر وثبت على الإسلام رغم شدة العذاب، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (وأمَّا سائرُهم فأخَذهم المُشرِكونَ وأُلبِسوا أدراعَ الحديدِ وصهَروهم في الشَّمسِ فما منهم أحَدٌ إلَّا وَاتَاهم على ما أرادوا إلَّا بلالٌ فإنَّه هانَتْ عليه نفسُه في اللهِ وهان على قومِه فأخَذوه فأعطَوْه الوِلْدانَ فجعَلوا يطوفونَ به في شِعابِ مكَّةَ وهو يقولُ : أحَدٌ أحَدٌ).[١١]


الأمانة

عرف -رضي الله عنه- بصفة الأمانة، فكان خازن النبي -صلى الله عليه وسلم- على بيت مال المسلمين.


التواضع

كان -رضي الله عنه- شديد التواضع، فكان يتذكر دائماً أن أصله حبشي وأنه كان عبداً رغم قدره ومكانته عند رسول الله والصحابة الكرام، فكان يقول: "إنّما أنا حبشي، كنت بالأمس عبداً".[١٢]


الصوت النديّ الجهوريّ

رزق الله -تعالى- بلال بن رباح الصوت الندي الجميل الجهوري، الذي جعله مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان أول مؤذن في الإسلام.


حب الجهاد والرباط

شهد -رضي الله عنه- المشاهد كلها مع رسول الله، وكانت حياته رباط وجهاد في سبيل الله -تعالى-، من أجل إعلاء كلمة الدين، حيث تمكّن -رضي الله عنه- من قتل أمية بن خلف في غزوة بدر، وكان قد طلب من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في زمن خلافته أن يخرج مرابطاً مجاهداً إلى الشام فأذن له.


وفاة بلال بن رباح

توفي -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب، عندما استأذنه للخروج إلى الشام، فأقام فيها حتى توفي في دمشق، سنة عشرين للهجرة، وقيل سنة سبعة عشرة، وقيل ثماني عشرة، وكان عمره بضعة وستين عاماً، وقد قيل أنه توفي بسبب طاعون عمواس، وتم دفنه عند باب الصغير في دمشق، وقيل دُفن في حلب، وقيل في باب كيسان،[١٣] وعندما حضرته الوفاة قال: "غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه"، وكانت امرأته تندب وتقول: واويلاه، فقال -رضي الله عنه-: وافرحتاه.[١٤][١٥]


المراجع

  1. "بلال بن رباح"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  2. أحمد العبيدان، بلال بن رباح الحبشي المؤذن الأول في الإسلام، صفحة 35-19. بتصرّف.
  3. "بلال بن رباح - نبذة عته وعن أسرته ."، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 415. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:122، حسن.
  6. "بلال بن رباح"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  7. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 179. بتصرّف.
  8. "الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  9. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 330. بتصرّف.
  10. المقريزي، إمتاع الأسماع، صفحة 132. بتصرّف.
  11. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:7083، أخرجه في صحيحه.
  12. "بلال بن رباح"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  13. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 270. بتصرّف.
  14. محمد الأثيوبي، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه، صفحة 376. بتصرّف.
  15. عبد اللطيف سلطاني، في سبيل العقيدة الإسلامية، صفحة 147. بتصرّف.