الصّحابي سلمان الفارسي
برز اسم الصّحابي الجليل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في كتب السّير لأسباب كثيرة؛ لعلّ أهمّها قصّة إسلامه التي واجه خلالها كثير من المشاقّ ورحل لأجلها إلى كثير من البلدان؛ حتّى سمّيَ بالباحث عن الحقيقة، إضافة إلى المشورة التي أشار بها على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبيل غزوة الأحزاب بحفر الخندق، وسلمان -رضي الله عنه- كان يكنّى بأبي عبد الله، وهو من بلاد فارس من رامَهُرْمُز، وقيل من أصبهان، وهو أسبقُ الفُرْس في الدّخول بالإسلام.[١]
إسلام سلمان الفارسي
قصّة إسلام سلمان -رضي الله عنه- قصّة مليئة بالدّروس والعِبَر، وقد جاء ذكر تفاصليها كما رواها هو -رضي الله عنه-، وأخرجها في السّنن والمسانيد كثير من أهل العلم، وهي قصّة طويلة، وخلاصة أحداثها أنّه كان على دين المجوس ثم انتقل إلى النّصرانية بعد أنْ التقى بعدّة رهبان منهم في بلاد شتّى، وكان آخر من التقى منهم راهباً في عمّورية أخبره عند موته عن بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنّه نبيّ آخر الزّمان، ونصحه أنْ يلحق ببلاد العرب ويبحث عن خبره.
يقول سلمان -رضي الله عنه-: " .. قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ ..".[٢]
وفي طريقه إلى جزيرة العرب خدعته القافلة التي ركب معها وباعته إلى أحد اليهود، الذي باعه بعدها إلى ابن عمّ له من يهود بني قريظة، وظلّ معه في الرّق حتى انتشر خبر هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فوافاه مراراً ليتأكّد من علاماته التي أخبره عنها راهب عمورية؛ ثمّ أسلم مطمئناً للإسلام فرحاً بما أكرمه الله به بعد رحلة طويلة في البحث عن الحقيقة.[٣]
موقف سلمان يوم الخندق
لم يُكتب لسلمان -رضي الله عنه- أن يُشارك مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوتي بدر وأحد؛ بسبب أنّه كان مسترقّاً عند يهود بني قريظة؛ ثمّ بعد أنْ كاتب سيّده وأعانه المسلمون على فكِّ رقبته من الرّق أُتيح له المشاركة في الغزوات؛ فكانت غزوة الخندق أوّل مشاركة له مع المسلمين في مواجهة الأعداء؛ ففي السنة الخامسة للهجرة بعد أنْ تجمّعت الأحزاب على غزو المدينة ظهرت عبقرية سلمان العسكرية وبدتْ حيله الحربية التي عرفها تعلّمها في بلاد فارس، فأشار على النبي -عليه الصلاة والسلام- بحفر الخندق في المنطقة المكشوفة من المدينة وغير محاطة بالجبال.[٤]
وقد كانت خطّته المباركة التي نفّذها المسلمون معيقاً لجيش الأحزاب من اختراق الخندق والوصول إلى عمق المدينة المنورة رغم بقائهم قُرابة الشّهر في حصارها.
مواضيع أخرى
المراجع
- ↑ ابن سعد (2001)، الطبقات الكبرى (الطبعة 1)، مصر:مكتبة الخانجي، صفحة 69، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد بن حنبل، في مسند أحمد، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:23737، إسناد حسن.
- ↑ فريق الموقع (30/5/2005)، " قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2023. بتصرّف.
- ↑ خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 33. بتصرّف.