شخصية أبي عبيدة بن الجراح وصفاته

عُرف الصحابي الجليل أبو عبيدة -رضي الله عنه- باتصافه بالأخلاق الحسنة، والصفات الحميدة، وكان يتميزّ بالشخصية الفذة، فقد كان -رضي الله عنه- قائداً أميناً قوياً، يستشير جنده ورجاله في كل خطوة يخطوها في حروبه، وكان -رضي الله عنه- محباً ومدافعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حليماً متواضعاً، تقياً ورعاً، زاهداً في الدنيا، حسن الخلق، ليّن الشيمة.


قال عنه أبو نعيم الحافظ أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء: "الأمين الرشيد، والعامل الزهيد، أمين الأمة أبو عبيدة، كان للأجانب من المؤمنين وديداً، وعلى الأقارب من المشركين شديداً، صبر على الاقتصار على القليل، إلى أن حان منه النقلة والرحيل"، وفيما يلي التفصيل في شخصيته:[١]


الأمانة

اشتهر -رضي الله عنه- بصفة الأمانة، التي تعد من أبرز ملامح شخصيته، وقد شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وخصّه بها عن باقي الصحابة -رضوان الله عليهم-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لِكلِّ أُمَّةٍ أمينٌ ، وأمينُ أمتي أبو عبيدَةُ بنُ الجرَّاحِ).[٢][٣]


ومما يدل على تميّزه بهذه الصفة ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ لأهْلِ نَجْرَانَ: لَأَبْعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلًا أمِينًا حَقَّ أمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أصْحَابُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبَعَثَ أبَا عُبَيْدَةَ)،[٤]وقد قام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أثناء فترة خلافته بتعيينه أميناً وأميراً على بيت مال المسلمين، لِعلمه بأمانته.[٥]


الدفاع عن رسول الله

كان -رضي الله عنه- محباً للنبي -صلى الله عليه وسلم- يدافع عنه، ففي غزوة أحد كان -رضي الله عنه- من الذين ثبتوا مع رسول الله، وقد أبلى بلاء حسناً في الدفاع عنه -صلى الله عليه وسلم-، حيث قام -رضي الله عنه- بنزع حلقتي المغفر اللتيْن دخلتا في وجنة رسول الله من خلال ثنيتيْه، مما أدى إلى كسر أسنانه الأمامية،[٦] والمغفر هي الخوذة التي يضعها المحارب على وجهه أثناء القتال لحمايته.


التواضع

تميّز -رضي الله عنه- بشدة تواضعه وحِلمه، فقد كان متواضعاً حليماً، ذا خلق حسن، ومما يدل على ذلك أنه وقف أمام جنوده وعسكره ذات يوم وقال: "يا أيها الناس إني امرؤ من قريش وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى إلا وددت أني في مسلاخه"،[٧] وموقفه في غزوة ذات السلاسل، حيث تنازل عن الإمارة فيها لعمرو بن العاص -رضي الله عنه- بكل تواضع وحلم، ليتجنب الاختلاف والنزاع.[٢]


الزهد والورع

كان -رضي الله عنه- زاهداً في الدنيا، ورعاً تقياً، لا ينشغل بالدنيا ومتاعها، على الرغم من أنه كان أميراً على الشام، حيث ذهب أمير المؤمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ذات مرة إلى الشام، فذهب إلى منزل أبي عبيدة ليتفقد أحواله فلم يجد في منزله إلا سيفه وتُرسه ورَحله، فقال له عمر: "لو اتخذت متاعاً"، فأجابه أبو عبيدة: "يا أمير المؤمنين إن هذا سيُبلّغنا المَقيل"، وقد أرسل له عمر ذات مرة مبلغاً من المال، فقسّمه ووزعه، فلما بلغ ذلك عمر قال: "الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا".[٨]


المراجع

  1. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 603. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أبو عبيدة بن الجراح"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 20/7/2022. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5162 ، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:7254، صحيح.
  5. محمد حسن عبد الغفار، فضائل الصحابة، صفحة 4. بتصرّف.
  6. محمد شراب، أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية، صفحة 79. بتصرّف.
  7. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 610. بتصرّف.
  8. محمد شراب، أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية، صفحة 244-246. بتصرّف.