امتاز الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- بكثرة روايته لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ هو أكثر الصحابة رواية للحديث، حيث بلغ عدد المرويات الواردة عنه في كتب السنة (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً،[١] فقد روى -رضي الله عنه- في أبواب الفقه، والعقائد، والمعاملات، والعبادات، والمناقب، والتفسير، والجهاد، والسير، والطلاق، والزواج، والأدب، والدعوات، والرقائق، والذكر، والتسبيح، وكان قد روى عنه الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده ثلاثة آلافٍ وثمانمائةٍ وثمانٍ وأربعين حديثاً، وقد روى الإمام بقي بن مخلد في مسنده خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً، وفي السنن الأربعة وموطأ الإمام مالك -رحمه الله تعالى- ذُكر ألف وستمئة وتسعة أحاديث لأبي هريرة، وكذلك له في الصحيحين أحاديث يرويها -رضي الله عنه-، فله في صحيح البخاري وصحيح مسلم ستمائةٍ وتسعة أحاديث، إلّا أنّ الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- تفرّد بثلاثة وتسعين حديثاً، وروى مسلم -رحمه الله تعالى- تسعين ومائة حديث.[٢]
سبب كثرة مرويات أبي هريرة
ذكر أهل العلم مجموعةً من العوامل التي ساهمت في تخصص أبي هريرة -رضي الله عنه- في رواية العديد من الأحاديث، فيما يأتي ذكر بعض منها:[٣][٤]
- كثرة ملازمته -رضي الله عنه- للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، والجلوس عنده، حتى في زيارته لنسائه، وأصحابه، فكان يصاحبه أينما حلّ وارتحل، ويقضي معه معظم يومه، لينتفع من علمه فيُبلّغه على أكمل وجه.
- حبّه الشديد -رضي الله عنه- لطلب العلم، والتفقه في الدين، وحفظ ورواية حديث رسول الله، وحرصه على ذلك.
- جرأته -رضي الله عنه- وشجاعته في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أُشكل عليه فهمه، فقد سأل -رضي الله عنه- رسول الله: (يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لقَدْ ظَنَنْتُ، يا أبَا هُرَيْرَةَ، أنْ لا يَسْأَلَنِي عن هذا الحَديثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ، لِما رَأَيْتُ مِن حِرْصِكَ علَى الحَديثِ، أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ مَن قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قِبَلِ نَفْسِهِ).[٥]
- تميّزه رضي الله عنه بقوة ذاكرته وشدة ذكائه، فقد كان سريع الحفظ، قويّ الوعي، صفيّ الذهن.[٦]
- حرصه رضي الله عنه على التعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتحرّى أخذ وسماع ورواية الأحاديث منهم، فقد روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وغيرهم.
- دعاء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- له ببركة العلم، وقوة الحفظ، وبشارته له بعدم النسيان، فقد ورد عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي أسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أنْسَاهُ؟ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ، فَما نَسِيتُ شيئًا بَعْدَهُ).[٧]
- تقصّده رضي الله عنه لحفظ أقوال رسول الله، وضبط أحواله، حيث عمد إلى التفرغ لطلب العلم والتعليم، وعدم تولية المناصب، والتصدي للتحديث والرواية، فقد كان يحفظ الحديث من أجل أن ينشره.
- جدّه واجتهاده ونشاطه رضي الله عنه في مذاكرته لحديث رسول الله، وكثرة مراجعته وتكراره للأحاديث، في كل وقت يتاح له ذلك.
المراجع
- ↑ ابن الملقن، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، صفحة 213. بتصرّف.
- ↑ محمد عجاج الخطيب، كتاب أبو هريرة راوية الإسلام، صفحة 137-138. بتصرّف.
- ↑ محمد عجاج الخطيب، كتاب أبو هريرة راوية الإسلام، صفحة 136. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 171. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6570 ، حديث صحيح.
- ↑ "ما بال أبي هريرة يكثر في رواية الحديث الشريف"، إسلام ويب، 6/2/2016، اطّلع عليه بتاريخ 11/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:119، صحيح.