الصحابي الجليل بلال بن رباح الحبشي رضي الله عنه هو من السباقين في الإسلام، ومن أول سبعة أظهروا إسلامهم في مكة، وقد لاقى في البداية عذاباً شديداً من قريش، إلا أنه صبر واحتسب وكان كل ما اشتد عليه عذاب المشركين يقول أحدٌ أحد، كما أنه كان عبدًا مولودًا في مكة ببني جمُح، وبعد ما اشتد عليه عذاب المشركين اشتراه أبو بكر الصديق وأعتقه.


وذكر عن بلال إنه كان صادق الإسلام طاهر القلب، وللتعرف على سيرة هذا الصحابي الجليل، سوف نتطرق خلال هذا المقال للحديث عن قصة إسلامه وبعض من مواقفه في الإسلام، بالإضافة إلى مجموعة من المعلومات حول حياته وإسلامه.[١]


ما هي قصة إسلام بلال بن رباح؟

كان بلال بن رباح يعمل في بني جمُح راعيًا لأغنامهم، وقد روي أن رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- اعتزل مع أبي بكر في غار، ومرّ بهما بلال، وهو يرعى غنم عبد الله بن جدعان، فأخرج الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه من الغار، فقال: "يا راعي هل من لبن؟" فقال بلال "ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم"، فقال صلى الله عليه وسلم: "إيت بها".[٢]


فجاء بها، فدعا رسول الله في قعبه (وهي آنية كبيرة) فحلب الشاة حتى ملأ القعب فشرب، ثم حلبها حتى ملأ القعب، فشرب أبو بكر، ثم حلبها حتى ملأ القعب فشرب بلال، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت (أي بأن ضرعها ممتلئ باللبن)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: "هل لك في الإسلام، فإني رسول الله"، فأسلم، وقال: "اكتم إسلامك"، ففعل وانصرف بغنمه، فقال له أهله: لقد رعيت في مرعى طيب فعليك به، فعاد إليه ثلاثة أيام يرعى ويتعلم الإسلام.[٢]


نبذة عن بلال بن رباح

ولد بلال في السنة الثالثة بعد عام الفيل أو أقل من ذلك، هو بلال بن رباح الحبشي واسم أمه حمامة، كان قبل أن يعتقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عبدًا لبني جمُح، ولما علم المشركون بإسلامه لاقى منهم أشد العذاب هو ومن أعلنوا إسلامهم، وهم: عمار بن ياسر وأمه سمية وصهيب والمقداد، وقد أظهر بلال صبرًا منقطع النظير بعد أن أثقل عليه أبو جهل وأمية بن خلف في التعذيب، إذ كان يوثق على الأرض عندما يشتد الحر، وتوضع على صدره صخرة كبيرة ليرجع عن دينه، وما كان منه إلا أن يقول أحدٌ أحد، إلى أن أعتقه أبو بكر.[٢][١]


بعد الهجرة أصبح بلال مؤذن رسول الله، وقد لازم الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا وهو ممن شهدوا بدرًا، وله في السِير العديد من المواقف نذكر منها ما يلي:

في حديث رواه مسلم عند سند لأبي هريرة قال: (قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ: عِنْدَ صَلَاةِ الغَدَاةِ يا بلَالُ حَدِّثْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ في الإسْلَامِ مَنْفَعَةً، فإنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ قالَ بلَالٌ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا في الإسْلَامِ أَرْجَى عِندِي مَنْفَعَةً، مِن أَنِّي لا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا، في سَاعَةٍ مِن لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهُورِ، ما كَتَبَ اللَّهُ لي أَنْ أُصَلِّيَ.).[٣][٢][١]


وفي هذا الحديث تظهر مكانة بلال في الإسلام، إذ أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بلال أنه سمع قرع نعليه في الجنة لما دخلها في تلك الليلة، فسأله عن أفضل الأعمال التي يقوم بها في دينه، فقال له بلال أنه كل ما توضأ وتطهر سواء في ليل أو نهار، صلّى عقب ذلك.[٢][١]


وفاة بلال بن رباح

بعد وفاة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ضاقت المدينة المنورة ببلال بن رباح وما استطاع أن يؤذن بعدها، إذ خنقته عبراته لما وصل إلى "أشهد أن محمد رسول الله" في الأذان، وارتحل من المدينة إلى الشام، وبقي فيها إلى أن توفي في السنة العشرين للهجرة بعمر بضعة وستين عاماً، ويذكر أنه عند احتضاره قالت زوجته هند: واه حزناه، فقال لها: واطرباه غدًا ألقى الأحبة محمدًا وحزبه.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "بلال بن رباح - نبذة عنه وعن أسرته"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/10/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج "بلال بن رباح"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/10/2023.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2458، صحيح.
  4. "بلال بن رباح"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/10/2023. بتصرّف.