لقد دامَ حُكم عُثمان بن عفّان رضي الله عنه وأرضاهُ ما يُقاربُ اثنَي عشرَ عاماً إلّا اثنيْ عشرَ يوماً.[١]

  • فبعد أن طُعن الخليفة عمر بن الخطاب، أمر رضي الله عنه بتشكيل مجلس الشورى ليتم اختيار خليفة بعده، واختار ستة من الصحابة في المجلس، وكان منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث وقع اختار عليه ليكون خليفة للمسلمين،[٢] فتولى الحكم في الأول من شهر محرم من العام الرابع والعشرين للهجرة إلى شهر ذي الحجة من العام الخامس والثلاثين للهجرة.[٣]
  • وكانت فترة حكمه كلّها في سبيل الله تعالى مزهرةً مزدهرةً، بحيثْ اتّسعت في حُكمِه الفتوحات الإسلاميّة، ونضِجت الخلافة أيّ نضوجٍ، ففي مدّة حُكمِه انتشر العُمران، وفُتِحت الكثير من البلاد؛ وانهارت حُصون الرّوم العظِيمة، وغدت في رعاية الإسلامِ، واتّسعت مساحةُ المسجد النبويّ الشريف، ونمت الأجيالُ الجديدة، وتمسّك المسلمون بالدّين والوحي، واتّباع الرّسُول صلّى الله عليه وسلّم وسُنتَه المُطهّرة.[٤]


أبرزُ أعمالِ عثمان في حُكمِه

تعددّت أعمالُه النّيرة في خلافتِه رضي الله عنه وأرضاه؛ ومن أهمّها:[٥][٦]


جمعُ القُرآن ونسخِه في المصاحِف

  • حيثُ قام رضي الله عنه بجمع القرآن الكريم في مصحفٍ واحدٍ بحرفِ لغةِ قريشٍ؛ إذ كان في عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مفرّقاً، ثم قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه في عهده بجمعِه في صحفٍ متعددةٍ ثمّ في مصحفٍ واحدٍ بين دفّتَي كتابٍ، ثمّ عملَ عثمانُ على نسخ المصحف إلى عدّة نسخٍ وقامَ بتوزِيعها على كافّة الأمصار، بعدما تفشّى اللّحن والخطأ في اللّسان العربيّ، حيثُ دخل الكثير من غيرِ العربِ بالإسلام، فحصل الاختلاف في قراءة القرآن والتّحريف في المعاني والألفاظ القرآنيّة.
  • إذ فزع حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بعدما رأى اختلاف النّاس في قراءةِ القرآن، وذهب إلى الخليفة عثمان قائلاً له: أدرك الأمّة قبل أن تختلف في كتابها كما اختلفت اليهود والنّصارى -وهذا جاء مروياً في صحيح البخاريّ- فقرر رضي الله عنه عازماً على جمع الصّحف التي كانت عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها من أيّام الصّديق.
  • ثمّ أمر مجموعةً من الصّحابةِ بجمعها في مصحفٍ واحدٍ على حرف قريشٍ، فما اختلفوا فيه من شيءٍ أَمَرهم أن يكتبوه بلسان قريش، إلى أن أرسل لكلّ قطر من أقطارِ البلدان مصحفاً، وأبقى له مصحفاً في المدينة، وهو المصحف العثمانيّ.


استمرارُ الفتوحاتِ الإسلاميّة

  • ففتِحت بلاد الشّام والعراق، وبلدانٌ مصريّة، حيثُ إنّ المسلمين حرّروا ما يزيد على عشرين مدينةً في عهدِه، إذ أمر بتسيير الجيوش إلى الكوفة والبصرة والشّام وأعطاها أمراً بالتوغل في محاربة الفرس، فاستمرّ الجهاد في بلاد الفرس وفُتِحت العديد من المُدن، مثلَ عموريّة، وطرطرس، وأنطاكيا، وشمال إفريقيا، كما أمر عمرو بن العاص بالتوجّه إلى بلادٍ مثلَ طرابلس وطنجة في المغرب حتّى يصلوا إلى الجزائر كذلك.
  • وأمر معاوية بن أبي سفيان بالتوغل بجيوش الشّام لدحر طغيان بلاد الرّوم، كما وانطلق نائبُ أمير المؤمنين عبد الله بن أبي سرح بجيوشِه إلى إفريقيا وافتتحوها وانتصروا على كلّ من لقيَهم، وغنموا الغنائم الكثيرة العظيمة، كما وفُتِحت جُزر مثل جزيرة قبرص وجزر البحر المتوسط، وقامت أولى معارك المسلمين البحريّة في عهدِه، وهي معركة ذات الصّواري.


استمرار مظاهر الإعانة للفقراءِ والمحتاجِين

حيث سار ذو النّورين -رضي الله عنه- على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه من قبلِه، في تقديم المعونة والمساعدة لكلّ الفقراءِ والمساكين، فزاد التكافل الاجتماعيّ في عهدِه، من خلالِ اعتنائِه برعيّته، وزاد ممّا افترضَه عمر من قبلِه في إعطاء كل فقير ومسكين من بيت المال في شهر رمضان المبارك، كما واتخذ سماطاً في المسجد النبويّ، حيث جعله مكاناً للمتعبّدين والمعتكِفين من الفقراءِ والمساكين وأهل السّبيل؛ ومقصود ذلك بأنه جعل في المسجد مكاناً خاصاً بهم، إذ كان رضي الله عنه كريماً سخيّاً على كلّ محتاجٍ.[٧]


المراجع

  1. ابن تغري بردي، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة، صفحة 55. بتصرّف.
  2. أكرم العمري، كتاب عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين، صفحة 56-57. بتصرّف.
  3. محمد حسن عبد الغفار، كتاب شرح لمعة الاعتقاد، صفحة 8. بتصرّف.
  4. فهد الرومي، جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين، صفحة 26. بتصرّف.
  5. عبد العزيز الشثري (12/6/2011)، "ثالث الخلفاء عثمان بن عفان (3)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/10/2021. بتصرّف.
  6. محمد سهيل طقوش (24/9/2017)، "الفتوح في عهد عثمان بن عفان"، قصة إسلام، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.
  7. أد راغب السرجاني (2/8/2017)، "التكافل في عهد عثمان بن عفان"، قصة إسلام، اطّلع عليه بتاريخ 27/10/2021. بتصرّف.