الهجرة إلى الحبشة

عندما ضاق الخناق على المسلمين في مكة بعدما عانوه من اضطهاد وظلم وعداوة وتضييق، وأصبحت حياتهم ودعوتهم إلى الإسلام في خطر شديد، وصار وجودهم مهدداً بشكل مباشر، أخذوا يبحثون عن ملجأ آمن يلوذون به، ليتخلصوا مما هم فيه من عذاب وتنكيل، وليجدوا مكاناً جديداً يتابعون من خلاله نشر الدعوة، ويحمون فيه دينهم وعقيدتهم، فجاء الأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلى الحبشة، جاء في الحديث: (لمَّا ضاقتْ علينا مكَّةُ، وأُوذيَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفُتِنوا، ورأَوْا ما يُصيبُهم مِن البَلاءِ، وأنَّ رسولَ اللهِ لا يَستطيعُ دَفْعَ ذلك عنهم، وكان هو في مَنَعةٍ مِن قَومِه وعَمِّه، لا يَصِلُ إليه شيءٌ ممَّا يَكرَهُ ممَّا يَنالُ أصحابَه، فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ ملِكًا لا يُظلَمُ أحدٌ عندَه؛ فالحَقوا ببِلادِه حتى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا، فخرَجْنا إليه أرسالًا، حتى اجتَمَعْنا، فنزَلْنا بخيرِ دارٍ إلى خيرِ جارٍ، أمِنَّا على دِينِنا).[١][٢]

كيف هاجر الصحابة إلى الحبشة؟

خرج الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- في جنح الظلام، فلم يعلنوا عن هجرتهم بل جعلوها سراً واحتاطوا في ذلك كثيراً؛ خوفاً من بطش قريش التي إن عرفت بالأمر لن تدعهم يذهبون وستكون لهم بالمرصاد؛ لخوفها من انتشار الإسلام، وزيادة عدد المسلمين، فخرج الصحابة سراً متخفين، ولم يخرجوا دفعة واحدة بل فرّقوا أنفسهم إلى مجموعات حتى لا يلفتوا الأنظار فتوجهوا إلى البحر، والتقوا هناك فركبوا في السفينة المتوجهة إلى الحبشة، ووصلوا إليها بخير وسلام، فوجدوا فيها الملاذ والأمان.[٣]


الفوج الأول من هجرة الحبشة

كانت الهجرة إلى الحبشة على مرحلتين، فخرج الفوج الأول في السنة الخامسة للبعثة،[٢] وكان مكوناً من أربعة عشر شخصاً، عشرة رجال وأربع نسوة، كان أميرهم عثمان بن مظعون بأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان في طليعة المهاجرين عثمان بن عفان وزوجته السيدة رقية بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وغيرهم.[٣]


الفوج الثاني من هجرة الحبشة

حدثت الهجرة الثانية إلى الحبشة في السنة السابعة للبعثة،[٤] وقيل في السنة العاشرة،[٥] وكان عدد المهاجرين يتجاوز المائة من رجال ونساء وأطفال، وقد كان قرار الهجرة الثانية بسبب اشتداد العذاب على المسلمين في مكة، وقد هاجر الفوج الثاني بنفس الطريقة التي هاجر بها الفوج الأول، فخرجوا بسرّية وحذر، يحملون معهم ما استطاعوا من متاع، وتوجهوا إلى البحر فركبوا السفن وانطلقوا، ولم تستطع قريش أن تدركهم -بفضل الله وتوفيقه-، وقد كان أميرهم في هذه الرحلة؛ جعفر بن أبي طالب، وكان من أبرز الأسماء المهاجرة؛ أم حبيبة بنت أبي سفيان، وفاطمة بنت صفوان بن أمية، وهشام بن العاص، وفراس بن النضر، وغيرهم.[٦]


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم:208، حديث سنده صحيح.
  2. ^ أ ب إسلام ويب (4/8/2003)، "الهجرة الأولى الى الحبشة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2/5/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب راغب السرجاني (21/4/2010)، "الهجرة الأولى إلى الحبشة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2/5/2021. بتصرّف.
  4. راغب السرجاني (21/4/2010)، "التفكير في الهجرة إلى الحبشة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2/5/2021. بتصرّف.
  5. راغب السرجاني (12/2/2017)، "توقيت هجرة الحبشة الثانية بالأدلة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2/5/2021. بتصرّف.
  6. راغب السرجاني (12/2/2017)، "هجرة الحبشة الثانية وإفراغ قريش"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2/5/2021. بتصرّف.