من هو الصحابي الذي اشتهر بحُسن صوته بالقرآن الكريم؟

اشتهر أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- بين الصحابة بحسن صوته بالقرآن الكريم وجمال قراءته، فقد أتاه الله -تعالى- صوتاً ندياً جميلاً شجياً، قرأ به القرآن الكريم، وسمع منه النبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير، وأقرّه على قراءته، وأثنى عليه بسبب جمال صوته وحسن أدائه، وقال له: (يا أبا مُوسَى لقَدْ أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مَزامِيرِ آلِ داوُدَ)؛[١] أي أن الله -تعالى- أعطاك صوتاً حسناً مثل ما كان سيدنا داوود -عليه السلام- ذا صوت حسن عندما يقرأ الزبور، فأوتي جزءاً من جمال صوت داوود -عليه السلام-.[٢][٣]


وذكرت روايات متعددة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستمع لقراءة أبي موسى الأشعري أكثر من مرة، فجاء في بعضها أنه مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه عائشة -رضي الله عنها- بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن في بيته، فاستمعا إليه، وكان أمهات المؤمنين يستمعن إلى قراءته؛ فذكرت الرواية: "إِنَّ أبا مُوسَى رضيَ اللهُ عنهُ كان يقرأَ ذاتَ ليلةٍ ونِساءُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَسْتَمِعْنَ".[٤][٥]


وكان الناس يجتمعون حوله حيث يسمعونه يقرأ، وفي كل مكان ينزل فيه أبو موسى يجتمع عليه الناس ليتذوقوا حلاوة القرآن الكريم من صوته النديّ، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا جلس عنده أبو موسى يطلب منه أن يقرأ له ما تيسر من القرآن، فيقول: "ذكّرنا يا أبا موسى"، أو "ذكّرنا بالله".[٢]


المكانة العلمية لأبي موسى الأشعري

يعد أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه من كبار علماء الصحابة ومفتيهم وفقهائهم وقضاتهم، فكان عالماً عاملاً صالحاً تالياً لكتاب الله -تعالى-، حريصاً على طلب العلم ونشره والتفقّه، وتعليم الناس، تلقّى العلم من كبار الصحابة؛ كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-، واهتم أيضاً بتعليم السنة وروايتها فروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن كبار الصحابة.[٦]


وكان -رضي الله عنه- من حفَّاظ القرآن، الذين تعلّموا القرآن من النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلّموه للناس، فبذل جهده في تعليم الناس واستعان بصوته الندي العذب، وكان فقيهاً ذكياً، متألقاً بالإفتاء والقضاء، قال الشعبي -رحمه الله-: "قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت"، وكان يخصص جزءاً كبيراً من وقته لمجالسه العلمية وحلقات العلم حتى في أسفاره وخروجه للجهاد.[٧][٨]


كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بعثه إلى اليمن قاضياً ومعلِّماً، وبعد وفاة الرسول عاد -رضي الله عنه- من اليمن إلى المدينة، ليحمل مسؤولياته مع جيوش الإسلام، وولّاه الخليفة عمر بن الخطاب على البصرة، وولّاه الخليفة عثمان بن عفان زمن خلافته على الكوفة؛ فكان لهم أميراً، وقاضياً، ومعلماً، فأقرأهم القرآن الكريم، وفقّههم في الدين، وأرشدهم، وقضى في خصوماتهم، وروى لهم الأحاديث، وأجاب على أسئلة السائلين، وفتاوى المستفتين.[٩][١٠]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخارب، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:5048، صحيح.
  2. ^ أ ب عبد الحميد محمود طهماز، أبو موسى الأشعري الصحابي العالم المجاهد تمحيص حقائق ورد افتراءات، صفحة 124-127. بتصرّف.
  3. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 262-. بتصرّف.
  4. رواه ابن حجر العسقلاني، في المطالب العالية، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4/70، صحيح.
  5. الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 386-388. بتصرّف.
  6. عبد الحميد محمود طهماز ، أبو موسى الأشعري الصحابي العالم المجاهد تمحيص حقائق ورد افتراءات، صفحة 119-123. بتصرّف.
  7. الذهبي، تذكرة الحفاظ، صفحة 22-24. بتصرّف.
  8. علاء الدين مغلطاي، إكمال تهذيب الكمال، صفحة 535. بتصرّف.
  9. "أبو موسى الأشعري"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2022. بتصرّف.
  10. محمد علي دولة، أبو موسى الأشعري الرباني العابد والفاتح المجاهد، صفحة 148-153. بتصرّف.