التعريف بخباب بن الأرت

خباب بن الأرت صحابي جليل، أكرمه الله -تعالى- مُبكِّراً بشرف صحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- والسّماع منه والجهاد معه، وفيما يأتي استعراضٌ لأهم المعلومات عنه:

  • اسمه ونسبه

أبو عبد الله خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة التميمي.[١]


  • خبر تعرّضه للسّبي وإعتاقه

ذكر المؤرّخون أنّ خباباً -رضي الله عنه- قد تعرّض في الجاهلية للسّبي، وكان حينها يعمل في صناعة السّيوف، فاشترته أم أنمار بنت سباع من بني خزاعة، وكان أبوها من حلفاء بني عوف بن زهرة.[٢]


  • إسلامه

يعدّ خباب بن الأرت -رضي الله عنه- أحد السّابقين إلى الإسلام؛ فقد أسلم قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم، ولاقى خبّاب صنوفاً من العذاب بسبب إسلامه، ولكنّه صبر واحتسب حتى أعزّ الله الإسلام ونصر المسلمين، وقد كتب الله له شهود بدر والمشاهد كلّها بعدها.[٣]


  • وفاته

تُوفّي -رضي الله عنه- في السابع والثلاثين من الهجرة في الكوفة، وكان عمره حينئذ ثلاثةً وسبعين عاماً، وقد صلّى عليه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ووقف عند قبره قائلاً: "رحم الله خبابًا، فلقد أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا".[٤]


ذكر بعض أخبار خباب في بداية الدّعوة

تعرّض خباب للأذى وثباته على الإسلام

نقل ابن الأثير عن مجاهد قوله: "أوّل من أظهر إسلامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، وخباب، وصهيب، وبلال، وعمار، وسمية أم عمار، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأما الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فبلغ منهم الجهد ما شاء الله أن يبلغ من حرّ الحديد والشمس".[٥]


ويذكر المحقّقون أنّ خباباً -رضي الله عنه- صبر وثبت على أمر التّوحيد، ولم يعط الكفار ما سألوه من الارتداد عن الإسلام، فجعلوا لأجل ثباته يُلزقون ظهره بالحجارة المُحمَّاة على النّار، وجاء في السِّيَر أنّ عمر بن الخطاب سأل خباباً -رضي الله عنهما- عمّا لقيَ من مشركي قريش في مكّة، فقال: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهري؛ فلمّا نظر قال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل! قال خباب: لقد أُوْقدت نارٌ وسُحِبتُ عليها؛ فما أطفأها إلا وَدَك ظهري.[٦]


طلب خباب الدّعاء من النبي الكريم

صحّ في الحديث عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- أنّه قال: (شَكَوْنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا له: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قالَ: كانَ الرَّجُلُ فِيمَن قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فِيهِ، فيُجَاءُ بالمِنْشَارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا اللهَ، أَوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ).[٧]


والمتأمل في الحديث الشريف يجد أنّ شكوى خباب للنبي الكريم كانت عامّة، له ولأصحابه الذين كانوا يواجهون معه ظلم قريش وأذاهم، كما أنّ الشكوى تكشف شدّة الألم وحجم الاضطهاد الذي كان يواجهه خباب من مشركي قريش، وقد تمّ الإشارة إلى جانب منه في المقال.


وتؤكّد هذه الرّواية اطمئنان النبي -صلى الله عليه وسلم- لثبات الإيمان في قلب خبّاب؛ حيث كان يصبّره باستحضار مشاهد أشدّ وأقسى من حياة أتباع الرّسل قبله، ولم يترك النبّي الكريم خباباً -رضي الله عنه- حتى طَمْأَنَهُ على عزّة الإسلام ونُصرة الله لأتباعه، وقد أكرم الله -تعالى- خباباً؛ فأشهده عزّة الإسلام وذلّ الشّرك والمشركين.


من مناقب خباب بن الأرت

تميّز خباب بن الأرت -رضي الله عنه- بالعديد من الفضائل والمناقب في سيرة حياته، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[٤]

  • الجرأة والشجاعة، فلم يكن يخاف في الله لومة لائم، ولم يُخْفِ إسلامه عن قومه، وهذا ما جعلهم ينهالون عليه بالضرب والتعذيب لمّا علموا بإسلامه.


  • الصبر والثبات، فقد ظلّ ثابتاً على إيمانه رغم ما تعرّض له من الإغراءات تارةً، ومن التعذيب الشديد تارةً أخرى.


  • الخوف والتقوى، فلمّا أغناه الله -تعالى- بعد فقرٍ جعل ماله في مكانٍ يعرفه الفقراء والمساكين في بيته، فكانوا يأتون ويأخذون ما يحتاجون إليه دون سؤالٍ أو استئذان، وكان -رضي الله عنه- يفعل ذلك بسبب خشيته من الحساب والعذاب على هذا المال.


  • كان لخباب -رضي الله عنه- أثرٌ كبيرٌ في إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقد كان خباب في بيت أخته وزوجها يقرأ عليهما سورة طه في بدايات البعثة، فلمّا جاء عمر اختبأ خباب، وقد غضب عمر لمّا علم بإسلام أخته وصفعها، ثمّ رقّ لها وطلب أن يقرأ ما في الصحيفة، فشرح الله صدره، فخرج خباب متهلِّلاً وأخبره أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو أن يُعز الله به الإسلام، ودلّه على مكان النبي، فذهب إليه وأعلن إسلامه.

المراجع

  1. شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام، صفحة 562، جزء 3. بتصرّف.
  2. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 437-438، جزء 2. بتصرّف.
  3. حاجي خليفة، سلم الوصول إلى طبقات الفحول، صفحة 75، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "قصة الإسلام"، خباب بن الأرت، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2023. بتصرّف.
  5. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 147، جزء 2.
  6. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 147، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خباب بن الأرت، الصفحة أو الرقم:3612، صحيح.