يُعرّف العلماء الصحابي على أنّه كل من لقي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الرجال أو النساء، ومن تعريفهم له تظهر مكانة الصحابي بوضوح، فأشرف وأعظم المراتب بعد النبوّة هي رتبة الصحابي، حيث اصطفاهم الله -عزّ وجلّ- لصحبة خير البشر، وسيّد الناس محمد رسول الله، فكانوا ممن سبقوا إلى الإسلام، ونالوا شرف الدعوة إليه، ونشره وإيصاله إلى الأمم الأخرى، فاتبعوا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وهاجروا معه -صلّى الله عليه وسلّم- ونصروه، وجاهدوا وصبروا، وصدقوا وفُتنوا، واستقاموا وما بدلوا، لذلك هم -رضي الله عنهم أجمعين- من خير الناس بعد المرسلين والنبيين علماً، وعملاً،[١] وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أصبح الناس يرجعون إليهم فيما اختلفوا فيه من المسائل، وما أُشكل عليهم من القضايا، فأصبح لهم من الآراء والأقوال والفتاوى والاجتهادات الكثيرة، وهي التي تعرف بقول الصحابي.


شروط حجيّة قول الصحابي

ذكر أهل العلم أن أقوال الصحابة -رضوان الله عليهم- مهمة جداً في فهم المنهج النبوي وتطبيقه عمليّاً، قد تفرّد هذا جيل الصحابة بميزات تجعل اتباعهم ميزاناً للحقّ، وعنواناً للفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة،[٢] وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ لحُجيّة قول الصحابي، ولجواز العمل به يُشترط فيها ما يلي:[٣][٤]

  • ألا يخالف القول قول أحد غيره من الصحابة؛ لأنّ اتفاقهم دليل على وقوفهم على مستند شرعي صحيح.
  • ألا يُخالف القول نصاً شرعيّاً من القرآن الكريم، أو السنّة النبوية.
  • ألا ينكره أحد من الصحابة في زمانه.

إلّا أنّ أقوال العلماء تنوّعت فيما يتعلق بحجيّة قولهم إذا صحّ السند إليهم في بعض القضايا، وفيما يأتي ذكر ذلك مختصراً:[٤]


الحالة الأولى: قول الصحابي على سبيل الرواية، فيما لا يتعلق برأي أو اجتهاد

كالحديث عن أمرٍ غيبيٍّ لا مجال للاجتهاد فيه، فيؤخذ هذا القول على الرفع، أي أنه قول رسول الله، ولا يُعتبر من الاجتهاد، لأنّ الصحابة كثيراً ما يروون الأحاديث بلفظها، وتكون مسندةً إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي أوقات أخرى يروونها بالمعنى، وتكون غير مسندة للرسول، تحديداً إذا خرجت على سبيل الفتوى، أو الجواب على سؤال، وفي ذلك يستثنى إذا كان النص المنقول عن الصحابي من الإسرائيليات؛ فحكمه حكم غيره، وفي ذلك قال محمد الشنقيطي -رحمه الله-: "من المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات: في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضاً على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه".


الحالة الثانية: قول الصحابي على سبيل الاجتهاد والرأي

وفيه أربع حالات:

  • إذا خالف نصاً شرعياً، فُيقدّم النص على قول الصحابي، ولا يعمل بقول الصحابي.
  • إذا تعارض قول الصحابي مع قول صحابي آخر، فيرجح بين أقوالهم.
  • إذا اشتُهر قول الصحابي، ولم ينكره أحداً من الصحابة فيعتبر حجّة، كما ذكر ذلك ابن تيمية -رحمه الله- فقال: "قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- :"وأما أقوال الصحابة؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء".
  • إذا لم يشتهر قول الصحابي، ولم ينكره أحد من الصحابة، فجمهور أهل العلم على قبول القول، والاعتماد عليه.


المراجع

  1. عبدالله بن صالح القصيِّر (21/9/2016)، "منزلة الصحابة في الدين"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021. بتصرّف.
  2. "هل قول الصحابي يعد حجة"، إسلام ويب، 16/5/2019، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021. بتصرّف.
  3. "ما شروط حُجِّيَّة قول الصحابي؟"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "هل أقوال علماء الصحابة حجة لا يجوز مخالفتها"، الإسلام سؤال وجواب، 11/5/2015، اطّلع عليه بتاريخ 16/10/2021. بتصرّف.