تميّز جيل الصحابة بأنّه جيل فريد، فقد كان وساماً حقيقياً في تاريخ الإنسانية، حيث اصطفاهم الله -عزّ وجلّ- لصحبة خير البشرية، وخاتم أنبيائه، محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، فكانوا له اليد اليمنى في نشر دعوة الإسلام إلى البشرية، ونعم الجنود في جميع الميادين، فحملوا أمانة الدين من بعده، وقاموا بواجب الرسالة كما ينبغي، وما فرطوا وما بدلوا وما غيروا من بعده، فنشروا نور الإسلام في كل الأرجاء، فبذلوا أرواحهم ودماءهم في سبيل وصل الناس بربهم، لا يبغون في ذلك إلّا مرضاة الله -تعالى- والجنّة.[١]


كيف يطلق لقب الصحابي؟

ذكر أهل العلم في تعريف الصحابي أنّه هو: "رجل أو امرأة عاش في حقبة معينة من الزمان توافرت فيه أو فيها شروط معينة، وهذه الحقبة من الزمان مرت ولا يمكن أن تعود"، ومن هذا التعريف يظهر أنّ لإطلاق لقب الصحابي شروط لا بد أن تتوفر، فيما يأتي ذكرها:[٢]

  • أن يكون قد رأى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في حياته، أو لقيه واجتمع به: حيث لا يكفي أن يكون قد عاصر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، بل لا بدّ أن يكون قد لقيه وجلس معه -عليه الصلاة والسلام-، سواءً في ذلك أطالت مجالسته له، أو قصرت، ويدخل في ذلك من اجتمع برسول الله ولم يره لفقد نعمة البصر.
  • أن يكون قد آمن برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قبل وفاته، فلا يكفي أن يكون عاصره -عليه الصلاة والسلام- ولم يؤمن به إلى أن مات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وبعد ذلك آمن به رسولاً، حينها لا يكون من الصحابة، ويدخل في ذلك الجنّ والإنس على القول الراجح، ومن أسلم في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ثمّ ارتدّ عن الإسلام ومات على ذلك؛ فلا يُعدّ من الصحابة.
  • لا يُشترط في الصحابي أن يكون قد روى عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أو يكون قد غزا معه، حيث يدخل في الصحابي من روى عنه ومن لم يروِ عنه، ومن غزا معه ومن لم يغزو معه، فكل ذلك سواء.


مناقب الصحابة في القرآن والسنّة

شهد الله -عزّ وجلّ- ورسوله -عليه الصلاة والسلام- على مكانة الصحابة، ورفعة منزلتهم -رضي الله عنهم أجمعين-، وفيما يأتي ذكر بعض مناقبهم:[٣]

  • رضا الله -تعالى- عنهم: حيث قال الله -عزّ وجلّ-: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.[٤]
  • شهادة الله لهم بالصدق، وحسن الخُلق: فقد ذكر الله تعالى ذلك في محكم كتابه فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.[٥]
  • شهادة رسول الله لهم بعظمة ما بذلوه: حيث قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ).[٦]


المراجع

  1. راغب السرجاني، كن صحابيا، صفحة 2. بتصرّف.
  2. "تعريف الصحابي لغة واصطلاحاً"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  3. منصور بن محمد فهد الشريده، "در السحابة في مناقب الصحابة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2021. بتصرّف.
  4. سورة سورة الفتح، آية:18
  5. سورة سورة الحشر، آية:8-9
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2540، حديث صحيح.